Wednesday, August 18, 2010

لحظات براح

أكتشف نفسي في ممرات الحياة كلما انعطفت في إحدى دهاليزها.. أتامل وأتعلم.. وأتعثر في بعض الأحيان

وأكتشف نفسي في قلوب من حولي.. مما أراه في أعينهم وفي تعاملاتهم معي

ويكتشفني من تتلاقى أرواحنا بعذوبة.. يكتشفون متى يخبو الضياء بداخلى ومتى تحط الفراشات كسلى ساهمة

aمتى تصاب الطفلة داخلي بالخمول وتستفيق قسراً الانثى الملتفة برداء من تعقل وهدوء

ويعلمون من إلتفاتة لعيناي متى يعييني التكدس

متى فتحت أبوابي للتكدس ينتشر بداخلي

فيعييني.. ويضيق صدري بتفاصيله ويسرق مني الأطياف التي تلهو بداخل الروح

يعييني تكدس الأفكار في عقلى.. تكدس أحاسيس لم يكتب لها أذن البوح بعد.. تكدس آثار العابرون من حولي.. تكدس أحلام مؤجلة.. تكدس ذنوب مكومة.. تكدس الاحتياجات غير المعلنة.. تكدس هموم مشتركة

وأخطيء في حق نفسي عندما أسهو عن القلب فتخرج منه تتسرب لحظات البراح
aالبراح عندما أتصل بالسماء دون انقطاع.. وصل له خدر لذيذ
لحظة براح.. كوقفة على حافة النيل وآذان المغرب قد شق الآفاق والليل يحبو وليداً والشمس تتثاقل أجفانها يغلبها النعاس
وأنا أمام صفحة المياه يتطهر قلبي من كل ما علق به من الحياة
واشعر ببراح بداخلي يتسع باتساع السماء وزرقة الماء
براح لا نهائي يغسلني.. يداويني
براح أشبه.. بصوته
.
ولحظة براح
اجلس متربعة في صحن المسجد تتصل كل أوصالي ببرودة الأرضيةالبيضاء النورانية الامعة كأنها مرمر
وقطع الخسب الفاصلة المعشوقة تشع بالدفء حولي
كأنها تضمنا أرواحاً مؤلفة قلوبهم متلاقين
واتذكر القرآن.. والإسلام.. والنور
أسرح بعيني بعيدا بعيدا مع الطيور السارحة إلى الجنة
وأحس بالبراح
براح بقلبٍ معي يحسه ويقرأه في لمعة نظراتي
براح يذيب تمرد النفس وقسوة الاغتراب
براح برائحة المسك والتوابل الأزهرية
براح بعمق التاريخ وامتداد جذوره
.
ولحظة براح
تثيرني بيدهاالصغيرة وأناملها الرقيقة
أمسك أناملها وأدغدغها بأسناني في لهو وتضحك هي ضحكات بريئة
تجذبني بيديها الصغيرة وتحتضنني فجأة وتربت بأناملها على كتفي
وتهمس لي حبيكي حبيكي
فأفهم أنها تقول لي.. أحبك
فأضمها انا وأنظر لعينها
واغرق في البراح
براح الأحاسيس العذبة البريئة
براح العذوبة والدفء
براح الطفولة والمشاعر غير المقيدة الطليقة
براح بطعم طفولتي ودفء النوم على راحة كف أبي كل يوم.. بعد الظهيرة
.
ولحظة براح
حينما أمنى نفسي أنني سأسافر إليها "معه" قريباً
ولا يسع تخيلي تصور أحاسيسي عندما أراها لأول مرة
الكعبة
بيت الله الحرام بكل هذا البهاء والخشوع والسكون حوله
ولا شيء يتردد في الآفاق سوى الله
الله الله الله
لا معبود سواه ولا خالق إلاه
الله الله الله
سينبض بها بصدق القلب والوجدان
الله الله الله
ويمر شريط الذاكرة بكل الذكريات
كل مسجد سجدت فيه.. وكل موضع سبحت فيه
وكل دمعة سقطت خشية من ذنوب أرهقتني اقترفتها
وكل رمضان
وكل صحبات الخير
وكل صويحبات الخير
وكل "أحبك في الله" رددتها بصدق وخجل
لقلب مؤمنة مس قلبي
وأول الركعات لنا سويا
واول قرآن نقرأه سويا
وأول قرآن أقرأه عليه سويا
وأشعر حينها بالبراح
فأجد نفسي أسقط ساجدة لا أستوعب ما بداخلي
ويتسع البراح بداخلي حتى أظنه لا يضيق صدري بعدها في الحياة ابدا ابدا
براح بطعم الجنة
لحظات براح محفورة في الذاكرة
مع الرفاق والأهل والسماء والأرض والكون وكل المخلوقات
مع نفسي ومع افكاري ومع احاسيسي
مع كل شيء يمكنني أن أستمد منه براااحاً.. يزيح بداخلي تكدس الحياة
فهلا محوت كل التكدس داخلك
وافسحت بداخلك كل حيز.. للبراح
حتى لا يغادرك الضياء أبدا
....

ريشة ويّا ريشة
يكمل الجناح
والله أحلى عيشة
عيشة البراح
قشّة جنب قشّة تبقى أحلى عشّة
لا الغصون قليلة أو دروبنا حايشة
واحنا كنا ذوبنا من الحنان قلوبنا
لا اشتكينا من تعبنا أو من الجراح


3 comments:

Unknown said...

عذوبة الماء تحتاج من يرتوى بها لا من يعلق عليها ،،، هنيئاً لك نعمة التأمل ولنا الخير الذى تحمله صفحتكم الفاضلة
ربنا يتمم بخير و سعادة الخلود فى طاعة الله
رمضان كريم

يا مراكبي said...

يزيح بداخلي تكدس الحياة
فهلا محوت كل التكدس داخلك
وافسحت بداخلك كل حيز.. للبراح
حتى لا يغادرك الضياء أبدا


نعم
لابد من عمل ذلك كل فترة لتتجدد الحياة وتنشرح النفس

Anonymous said...

ما أجمل هذا الشعور الذي شعرت به وأنا أقرأ هذه التدوينة النورانية الرائقة... شعورٌ بالبراح، ولا أطيب !

حلّقتُ عاليًا في سماءٍ من صفاء؛ بفضل كلماتِك العطِرة..

فقد قرأتُها همسًا، تمامًا كما خِلتُكِ كتَبْتِها: همسًا..

شكرًا لأنكِ كتبتِها، نقيّةً بنقاءِ قلبكِ..

بورِكَ قلمُكِ وبورِكَت أيامُكِ، إيمان

رزقكِ الله ما تتمنّينَ.. وزيادة

رمضانُكِ أنوارٌ وطاعاتٌ ورحمات
:)