تحت وطأةالجسد..كثيراً ما تأن الروح
الجسد..ذلك الكائن الطيني الذي يشد الإنسان بثقله وسطوته إلى الأرض كلما ازدادت صفاته الطينية طغياناً..الجسد له حدود تحده وتكبل حركته..تعيقه عن الارتفاع والتحليق..الجسد له سطوة ومطالب ملحة..لا تنتهي ولن تنتهي إلا بدفنه بين ذرات التراب مجرداً من كل شيء
و-عجباً- بين جنباته ترنو الروح..الكائن النوراني الروحاني..يسمو ويتغذي بكل ما يحرره من أثقال الجسد التي تشده ارضاَ..الروح الكائن الشفاف..المحبوس غالباً بين جدران الجسد..سهل التحرير دوماً..يخاله البعض لنقائه أحمقاً فيسرق بعض اللحظات بدعوى إمداده بالغذاء
صلوات مسروقة..أذكار مسروقة..عبادات مسروقة..معية مسروقة
مسروقة من الوقت..يؤديها الجسد
تزيد الروح أثقالاً فوق أثقال الجسد
...
ثنائية الجسد-الروح..صراع أم تعايش؟؟
تجد شخصيات شهوانية..علاقة الروح-الجسد يجب أن تكون علاقة صراع..كحلبة قتال لو غفل المجاهد لثوانٍ لصرعه الجسد..تحتاج فيها تجديد الدروع لتتحصن ضد الضربات الطينية للجسد
بقدر ما تحقق تلك الشخصيات أقصى درجات الاستمتاع بمطالب الجسد المختلفة..بقدر ما تستطيع -للعجب- أن تسمو بالروح وتحلق بها بشدة -إن أرادت-..بقدر ما تعيش حالة جهاد دائم بين جنبيها..لو غفلت عه لهلكت وغرزت في الوحل..لو أطلقت لأحدى الطرفين العنان..لانطلق يهذي في جموح
وشخصيات سلمية..علاقة الروح-الجسد علاقة تعايش سلمي..حالة من رفع الحصار شبه الدائم..قد يمران بفترة خلاف وخصام..لكنها لا تطول..وقد يطغى أحدهما قليلاً على الآخر..لكنها سرعان ما تعود لوسط الطريق مرة أخرى في اعتدال
بقدر ما تعيش حالة من الاعتدال..بقدر ما تحصل على قدر معقول من الاستمتاع بسمو الروح وبتحقيق مطالبات الجسد
وبين الطين والنور..الجسد والروح..وميزان قد ترجح كفته لتخف أخرى.. وميزان تطيش كفته وتطيح أخرى..يقف الفيصل هو فعل التحرير
تحرير الروح من سطوة الجسد..والبغية هي الثنائية المقدسة
السمو..المتاع
وممارسة فعل التحرير تستلزم صدق لجوءوتوكل
(آل عمران: 160)
-
ممارسة فعل التحرير تستلزم صدق بالغ مع النفس أمام خالقها
فَقَالُواْ هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ
(الأنعام: 136)
-
ممارسة فعل التحرير تستلزم عملاً مقروناً بعلم
فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ
(يونس:89)
.
يقول النفري نقلاً من كتاب رأيت الله لدكتور مصطفي محمود: إن الجسد حقيقة فانية وإنه ثوب ابتلاء خلقه الله لامتحان الروح، والصفة البشرية بما فيها من شهوات وأهواء ورغبات ونزوات هى الأخري ابتلاء وامتحان لتوجه الروح والنفس. هل تدرك الروح نسبتها إلى الله وتتوجه إليه بكل حبها وشوقها أم يجرها الجسد إلى شهواته؟..هل تدرك النفس أنها مخلوقة، وأنها مسئولة أمام ربها عما تفعل؟
هنا الامتحان
(انتهى الاقتباس)
.
....
امتحان..منا مستعد..ومنا غافل
منا المكبل بجسده حتى عميت بصيرته..ومنا من يجاهد
كلما أطبق الجسد قيده علي جزء من روحه..سارع بفك القيد
فهلا أمسكنا خيوط الروح من الجسد
وتساءلنا
متي كانت آخر مرة مارسنا فعل التحرير؟؟