Saturday, March 26, 2011

طفلتي.. أفتقدك بوجع


أذكر جيداً تلك اللحظات وكأنها بالأمس.. امسك بيدي تلك الشريطة الخاصة بتحليل الحمل يظهر عليها خطين وأريها لزوجي في ذهول وأقول له باندهاش غريب: يعني إيه؟؟ وكلاً منا لايصدق
.
أذكر أني قضيت أياماً أحاول فيها التصديق أننا أصبحنا ثلاثة وأن روحاً تدب داخلي غير روحي وأن زوجي عندما يذهب للعمل لا أكون في المنزل وحدي بل ترافقني روحاً بداخلي
.
وعندما كنا نذهب كل شهر ونراها بالسونار كانت تنابني نوبة ضحك طفولية جدا كل مرة وتحاول الطبيبة بشتى الطرق تهدئتي لكي تكمل الكشف وأنا ارد عليها إن تلك مشكلة أن تنجب طفلة طفلة أخرى.. كنت حينها أنظر لزوجي أحاول الاستيعاب أن ما نراها تلك هي طفلتنا
تمنيت من الله كثيراً أن تكون بنتاً وكنت أشاكس زوجي طوال الوقت بأنه سيطير حتماً ما لم أطيره بعد من عقله بكل شطحاتنا المجنونة التي سيواجهها الآن لا من أنثى واحدة بل اثنتان.. وقدر الله أن يستجيب لدعوتي ويمنحنا إياها بنتاً ولكن كان القدر على أن تسبقنا للجنة
تنتانبني لحظات لا أدرك فيها إذا كنت حقا مستوعبة الحدث بالفعل أم إن
كرم الله الذي يغمرني به قد تغمدنا برداء من الصبر والرضا والثبات
.
قديما كنت أدعوها خطأ مني لعنة الفقد.. فقدي لكل من أحبهم بعمق حتى
وصلت لمرحلة ما آمنت أن تلك المشاعر المتدفقة داخلي هي نقمة لأن كانت تؤلمني في كل مرة ينتابني الفقد ويؤلمني الحنين وعشت فترة ما أتجنب أن يمس أحدهم ذا القلب ويقترب خوفا أن افقد وأتألم حتى قررت التحرر من ذاك القيد وألا أحرم نفسي من لحظة ذات شعور رائع بالحب خوفاً من غد لا أعلم متى قد يأتيني
واليوم أدرك أنها يوما لم تكن لعنة وإنما هكذا يكون الابتلاء.. الابتلاء هو ما يصيبنا في أضعف ما فينا.. ما يزلزل الكيان ويضعنا على المحك.. وعندها تكون اللحظة الحاسمة التي نختبر فيها بصدق كل ما أدعينا أننا نتحلى بها
هي لحظات الصبر وإما السخط
التسليم وإما الاعتراض
أن تتذكر الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون
.
لازلت أتذكر تلك الخبطات الدقيقة لها وتلك النبضات التي أحسستها طيلة ستة أشهر.. وكل تلك التخيلات التي رسمتها لما سأعلمه لها.. وما سنتشارك فيه سويا
.
لعل أشد ما آلمني فقط أنها كانت هي الأضعف لدى الجميع.. اختار الكل حياتي على حياتها فكنت أنا الأهم لديهم والأغلى والأولى
لم يتردد أحدهم للحظات.. الكل استغرق في تفاصيل الحفاظ على وعلى صحتى وحياتي امام هذا الابتلاء وكنت أنا الوحيدة التي لا أصدق أن تلك الخبطات والنبضات بداخلي ستتوقف.. وتلك الروح ستغادرني بعد ساعات إذا استجبت لنصيحتهم ولحل الطب الوحيد أمام هذا الابتلاء
كان كل ما يهم الجميع مؤشراتي الحيوية وضغط دمي والحفاظ على أجهزة جسدي.. كنت أنا محل الاهتمام والقلق والخوف والدعوات كلها وتناسها الجميع
لكن الله يعلم أنها كانت بداخلي هي الأغلى والأهم والأولى وكل ما يصبرني على فراقها أنني أوقن أنها ستنعم في الجنة أكثر من أي نعيم وحب كنت قد أمنحها لها في كل الحياة
.
أكثر ما كان يواسيني أن الابتلاء كان قدراً تاما من الرحمن الرحيم لم تتدخل فيه يد بشر.. لم يخطأ أحد ولم يقصر أحد في شيء ولم يتهاون أحد.. بل هو قدر الله
وكان إنهاء الحمل في تلك اللحظات ايضاً هو الحل الوحيد.. وكان ذلك يعني إنهاء حياتها
و كما منحنا الله تلك الوديعة من غير حيلة لنا فيها.. قد اختار الوقت الذي يستردها فيه كما يشاء ربنا لنا ويقدر
.
قلت لنفسي مراراً أنني لن أكتب أياً من تلك الكلمات ولن افصح عنها.. لن أدع مساحة للحزن لينتشر منها ويزداد ساحتسب الأجر في صمت
لكنني وجدتني اليوم أفتقدها بشدة.. نعم قد أوحشتني جدا لدرجة أنني ندمت أنني لم أحاول أن أراها بعد ما نزعوها من داخلي
ووجدتني أستدعي أي كلمات لأتحدث عنها بأي طريقة
وها أنا ذا
أقاوم العبرات ولا أقوى..وبدأت الكتابة ولا أقوى على إنهائها
فقط نسألكم الدعاء لنا بأن يرزقنا برد الصبر والرضا
وأن يخلف علينا بذرية صالحة يرضى ربنا عنها ويجعلها قرة عين لنا
الحمد لله رب العالمين

الحمد لله رب العالمين
الأمر أمرك يا إلهي.. لست تُسال إن فعلت
وحل حكم القادر
يارب يا سند الضعاف
أتيت في ضعف المحب وفي شرود الحائر
أنا ليس لي حق عليك
أنا ليس لي حق عليك وإنما أمل الضعيف أمام عفو القادر
....
زوجي! اعتذر لك بشدة وكل من سيقرأ هذه التدوينة من أهلى واصدقائي وانا أعلم أن كلماتي ستخلف في قلبهم وجعاً.. لكنني بصدق كنت بحاجة لمواجهة الكلمات