Tuesday, August 4, 2009

عنه وعنها أتحدث.. إنتماء

تستدعي فكرة وكلمة الزواج كثير من المشاعر والافكار
فهو: حب وحنان..عاطفة ودفء..شهوة وغريزة..سكينة ومودة..إطمئنان واستقرار
وهو:أسرة وعائلة..ذرية ومستقبل..أمل وإصلاح..رسالة واسثمار

وهو:مسئولية وسعي في الحياة..خلافات وعبأ..تأقلم وتحمل..أزمات وتقلبات


نعم.. الزواج هو مزيج وخليط من لحظات في جنة ساحرة تسلب العقل والقلب.. ولحظات نيران محرقة قد تحرق ايضاً العقل والقلب
لكني اتحدث هذه المرة عن معنى مختلف تماماً.. معنى مستقل بذاته.. معني كثيراً ما نستخدمه ونحن نتحدث عن الوطن وعن الأرض والجذور، لكنه في رأيي يصلح أن ينتسب لتلك العلاقة ليملأ فراغاً لا تملأه تلك المشاعر والأحاسيس السابقة

هو الإنتماء

هل اختيار شريك حياتك يستند لمعايير الانتماء؟.. تنظر لحياتك وما يملأها.. ذلك الخليط من عملك، دراستك، هواياتك، أنشطتك، أهدافك وأحلامك التي تسعى لتحقيقها.. وتسأل نفسك بصدق: هل ينتمى هذا الشريك إليها بشكل ما أو بآخر؟.. هل مغزولة خيوط تربط بينكما بقوة؟.. خيوط لا يهم أن تراها بقدر ما توقن وتعلم أنها موجودة

قطعاً لا اقصد المعنى الحرفي بأن يعمل نفس العمل أو تكون له نفس الهوايات والأنشطة.. بل لابد من بعض الاختلاف الذي يؤدي إلى ثراء وابداع وابتكار واضافات جميلة وجديدة في الحياة.. لكني اقصد الانتماء للروح.. الروح المحركة لكل هذه الامور المكونة لحياتك .. الانتماء للروح التي تسكن في كل الأفعال والأفكار.. فوقتها أينما اتجهت بك حياتك وتغيرت سيتجه معك.. لإن انتماءه للروح لا للأشياء

أن تنتمي.. "نماء" أن تشعران أنكما كالحبة التي تنمو في داخل الآخر.. فروحك يكتمل نضجها وحياة كل منكما تتشكل وتنمو بداخل الآخر.. أن قد بدأت الحياة وظهرت الأحلام والأهداف على جنبات الطريق تنتظر التحقيق.. أنه أصبح من الممتع تخطي عقبات الحياة.. أن قد اشتدت الرغبة الشديدة في الارتقاء وأن تكون أفضل إنسان يمكنك أن تكونه من أجل الآخر.. الذي تنتمي إليه

أن تنتمي .. ألا تجد نفسك مضطراً لشرح ما تقول..لا تحتاج إلى كثير من التفسيرات وإزالة اللبس.. بل لا تحتاج إلى تبيرير ذاتك ولا ردود أفعالك ولا افكارك.. فعقل كل منكما يستوعب نفس الأفكار وينظر في نفس الاتجاه.. يري الأمور بنفس النظرة الإيجابية أو السلبية.. بل وقد تنطقان كثير من الكلمات سوياً.. فالروح التي تحمل الافكار تنساب بينكما من عقل أحدكما إلى الآخر دون حواجز زجاجية أو معوقات نفسية

أن تنتمي.. أن تجد الروح تسعى لكشف كل ما بداخلها أمام الآخر.. تريد أن يعيش كل تفصيلات حياتك قبله وألا تمر عليه لحظة دون أن يشاركك فيها.. تكشف أمامه نقاط الضعف قبل القوه كما لو كنت تعطيه مفاتيح روحك.. لا تبالي كثيراً بالحفاظ على صورة ما براقة أو جذابة.. فأنت تعلم أن جزءاً ما منك يحيا بداخله لا تستطيع أن تحيا دونه

أن تنتمي.. أن تلتقط دون مبرر أو أسباب موجات وذبذبات شريكك.. تعلم متى يحس بالفرح ومتى يلم به أمر ما .. تستشعره جيداً قبل أن ينطق.. يصبح لكما ذلك المزاج المشترك الذي تتقاسمانه وتحافظان عليه كوليد غالي .. لم يعد أحدكما يعيش في قوقعة معزولاً عن الآخر.. بل يشاركهه الآخر أقل تقلباته المزاجية

أن تنتمي.. أن تبدأ في اكتشاف كل الموجودات حولك مرة أخرى.. تتأمل ما غاب عنك من نفسك.. من ذاتك.. تتراءى أمامك أحلامك متجسدة قابلة للتحقيق.. تستكشف في نفسك ما لم تكن تعلمه أو تتخيل وجوده.. وترى الكون والمخلوقات والأحداث بنظرة شاملة.. تكتشف في نفسك قوى ما كانت مدفونة وتصقل مهاراتك المخبوءة.. تكون مشحوناً بطاقة هائلة للتقدم والتحرك وتحقيق الأحلام

أن تنتمي.. أن تؤمن.. أن سواه/سواها.. ليس هناك من أحد

ولعل كلماتي قد تشبه أوصاف حالة الحب.. لكن في رأيي كل انتماء يحمل بداخله حب.. ولكن هناك كثيراً من أشكال الحب لا تحمل معها شعور الانتماء..فالحب فعل للقلب لا يتدخل فيه الإنسان.. الحب قد يتكرر ويحدث أكثر من مرة، ولكن الإنتماء من الصعب أن يتكرر.. والحب قد يقود البعض إلى حالة من سكر العقل والبصيرة فيدفع أحياناً لأفعال سلبية وبعض ردود الفعل غير الصحيحة والخاطئة..أما الإنتماء فهو ينير الظلمات في دهاليز العقل والقلب ليضفي دوماً شعوراً إيجابياً وحالة من القوة والوعي.. يعلو بالإنسان في نضوج ورقي مستمر
.
فلا تلهث في تلك الحياة بحثاُ عن الحب الغامر الذي يسحرك.. ولكن ابحث عن "هي" التي تنتمي إلى عالمك.. ولتبحثى عن "هو" الذي ينتمي إلى عالمك.. وسيقودك الإنتماء لا مفر إلى أنهار من الحب العميق
****

لمتابعة بقية التدوينات ذات الصلة