Saturday, June 20, 2009

إشارات حياة


بداخلي وبداخلك إشارات
حولي وحولك إشارات
هي أشبه بمحطات على الطريق.. وقفات
إشارات حياة ملونة.. خضراء وحمراء
.

إشارة حمراء..ان قف وتأمل أين أنت من الطريق..لمَ لم تعد تراه عيان أمامك.. كم حدت عنه وبعدت
.
وإشارة خضراء..أن طريقك واضحاً نصب عينيك.. وعينك لا تزال تنظر لهدفك الاسمى القابع هناك بين النجمات
.
إشارة حمراء..ان انتبه بريقك يخبو وينطفى.. مصباح قلبك يكاد ينطفيء
.
وإشارة خضراء..أن بريقك يضوى في الافاق يأخذ بأيدي الحائرين.. وينور لهم بصيص بين تلك الظلمات الحالكة
.
إشارة حمراء..أن لا تجعلها نصب عينيك.. فمن تملكها خسر، من تعلق بها وتركها تتملك من قلبه طبقت على أنفاسه وأجهزت على روحه
.
وإشارة خضراء..أنك قد اقتربت من يوم الحصاد، يوم ستجني ثمرة كل شقاء وكل جهد بذلته في ذات الحياة
.
إشارة حمراء..أن من حولك يسيرون وأنت وحدك تقف.. تخلفت عن الجميع فصرت وحيداً
.
وإشارة خضراء..أنك في المقدمة فلا تنظر خلفك.. توكل عليه وإياك أن تتوقف الآن
.
ربما!! يكون حقاً بداخلنا إشارت حياة.. ملونة بألوان زاهية وأخرى منذرة
.
ربما!! يدرك بعضنا تلك الإشارات ويتأملها وربما لا يعبأ لها البعض ولا تثيره تلك الإشارات.. وما بين
.
خمول وحركة
نجاحات واخفاقات
هبوط وصعود
رقي وانحدا
.
ربما!! يكون من الذكاء أن لا نقف كثيراً نتأمل تلك الإشارات .. أن نضيع الوقت في انتظارها لتتبدل لتشير لنا أين نحن من الطريق.. فمن يدري فلعل ألوان إشارتنا معطلة.. ونحن نقف أمامها ننتظر أن يتحول لونها من أجلنا وهو في الحقيقة لن يتغير ولو بعد حين
.
ربما!! عندئذ يكون كل الحكمة وجم الذكاء أن نبدأ العمل ونسعى طول الوقت بلا ملل لتصبح إشارتتنا دوماً خضراء.. أياً كان لونها في الحقيقة الآن
.
.
Do not wait to strike till the iron is hot; but make it hot by striking
(William Butler)
.
يأتي الامداد على قدر الإستعداد
(بن عطاء الله السكندري)

Wednesday, June 10, 2009

اعترافات عقل.. 2


عدت مرة أخرى إليك.. مر وقت طويل على اعترافاتي.. لاداعي أن تدعي الذكاء إنها فقط مشاغل الحياة التي جعلتني أتغيب.. ولكن لماذا تسألني عن غيابي!.. لا تنسى اتفاقتنا السابقة: أنت تسمعني حتى أنتهي تماماً وأخرج كل ما في جعبتي ثم أرحل مغادرة.. وعليك أن تلزم الصمت المطبق، ألا تتلفظ بنبس شفة عما سمعت مني .. أن تتركني أحافظ على الأنا البراقة التي تعبت في تشكيلها لتكون مبهرة للجميع .. أن تنكر قطعاً معرفتك بهذا الجزء المخبوء في نقوش محارتي

دعنا من تلك المقدمات المستهلكة والكلمات الموزونة، الأمر بحق خطير هذه المرة، إنهم يتبدلون.. يتبدلوووون..تسقط حواجز وأغشية من أمام عيني.. رباااااه أم لعلها تتكون.. لا أدري.. صدقني صرت لا أعقل شيئاً، ما أعلمه يقيناً أن ما حولي من موجودات تتغير، تتبدل بشكل خطير وتتشكل مرة أخرى بشكل ينذر بأمر جد.. أنا لم أخطط لذلك.. ولم نتفق على هذا منذ البداية.. ومع ذلك فإنهم يتبدلون.. يتشكلون

حسناً سأضطر أن أشرح لك.. ليتك كنت فقط أكثر ذكاءاً؟؟

انصت!.. انصت جيداً معي.. أتسمع صدى تلك الحروف، لم يعد ابداً كالسابق.. انطق هكذا حرف الميم.. بم تشعر؟؟ جرب الحاء الآن.. عشت دهراً تتساوي عندي الميم والظاء، الحاء والراء، من قال أن الباء قد تختلف عن القاف.. لكنني أؤكد لك انها اختلفت الآن.. بعض الحروف يهوي عند نطقها قلبي الآن.. تخفق لها الروح بين جنباتي وأظل ابحث عن تلك الروح المسروقة.. كم عشت عمراً طويلاً ساذجة أصدق أن الأبجدية ثمانية وعشرون حرفاً فكيف يعقل أن أختزلت الآن في بضعة حروف.. لم يقل لي أحدهم ابداً أن حروف الأبجدية قد تتبدل وتتلون بهذا الشكل.. قد تملؤها فراشات ملونة وضى القمر.. قد تفوح منها رائحة مسكى الابيض المفضل وزنبق فضي.. كنت قديماً أنعتها بالصماء، حروف جرداء تموت حين تقال، أما الآن فهي حروف تتبدل لتترك عزفاً سماوياً الألحان يتردد صداه في.. وجداني
.
دعك.. دعك من السماع
فلتنظر.. افتح عينيك وتأمل حولك تلك الأماكن: أوقن أن مساً ما أصابها هى الأخرى.. تتبدل هي الأخرى..لكم مررت بتلك البنايات الحجرية ولم تعن لي يوماً أي شيء مختلف، نفس الحوائط ونفس الشوراع.. أيعقل ان تتبدل أمام خلايا عيني ليصبح لها ذاك الوقع الغريب في النفس.. كما لو أن رباطاً غليظاً يشدني مربوط في أعماق الروح.. قل لي بربك من أنطق تلك الأماكن بالحنين؟.. من نثر فيها ذاك الدفء والأمان، وذكريات لا تزال بعد في طي التكوين.. ما هذا الطيف النوراني الغريب الذي يضيء في حنايا المكان

لكم يقلقني صمتك المريب هذا.. إذن فلتستعد للضربة القاصمة.. حزر من يتبدل ايضاً
إنها الساعات، الأيام والدقائق، عندما تدق يدق معها أشياء أخرى بداخلي.. من قال أن دقات العاشرة قد تجعلك تحلق للسماء وأن دقات الثانية عشر قد تغرق عينك في العبرات.. قل لي بربك من ذا الذي تجرأ وأخذ يعبث بساعاتي ودقائقي وأيامي وشهوري.. لكم بدت لي حمقاء تلك الأميرة وهي تستجيب لدقات الثانية عشرة.. وماذا لو انتظرت للواحدة، وماذا لو لم تعد للبيت أصلاً..وهل تختلف الساعات!!.. لم أكن لأهتم بأمر الأوقات، فكيف يصير معنى للثواني والساعات

لا تتركني هكذا أجمح في جنون.. ينبغي ان تصدقني، كيف لا تسمع ما اسمع؟ لا ترى ما أرى؟؟.. ألا تشعر بما أشعر!!.. أقول لك أنهم يتبدلون.. وإني حاولت الفرار..الهرب بعيداً بعيداً
ولكن أين أذهب.. وقد سدت أمامي كل الثغرات والمنافذ
بل والأعجب أن كل الدروب تفضي إليه لا مفر
لا مفر
ـــــــ

قفي ، أين تمضين ؟ فيم اندفاعك
من ذا ترين بأفق الشرود
وما هذه ؟
رجفة في كيانك ممّا تشدّ عليه القيود
تمرّد روحك في سجنه
يريد يحطّم تلك السدود
ليسمو طليقاً خفيف الجناح
وراء الزمان ، وراء الحدود

(الأبيات لمحمود درويش - هروب)