Thursday, November 20, 2008

فعل التحرير

تحت وطأةالجسد..كثيراً ما تأن الروح

الجسد..ذلك الكائن الطيني الذي يشد الإنسان بثقله وسطوته إلى الأرض كلما ازدادت صفاته الطينية طغياناً..الجسد له حدود تحده وتكبل حركته..تعيقه عن الارتفاع والتحليق..الجسد له سطوة ومطالب ملحة..لا تنتهي ولن تنتهي إلا بدفنه بين ذرات التراب مجرداً من كل شيء

و-عجباً- بين جنباته ترنو الروح..الكائن النوراني الروحاني..يسمو ويتغذي بكل ما يحرره من أثقال الجسد التي تشده ارضاَ..الروح الكائن الشفاف..المحبوس غالباً بين جدران الجسد..سهل التحرير دوماً..يخاله البعض لنقائه أحمقاً فيسرق بعض اللحظات بدعوى إمداده بالغذاء
صلوات مسروقة..أذكار مسروقة..عبادات مسروقة..معية مسروقة
مسروقة من الوقت..يؤديها الجسد
تزيد الروح أثقالاً فوق أثقال الجسد
...
ثنائية الجسد-الروح..صراع أم تعايش؟؟

تجد شخصيات شهوانية..علاقة الروح-الجسد يجب أن تكون علاقة صراع..كحلبة قتال لو غفل المجاهد لثوانٍ لصرعه الجسد..تحتاج فيها تجديد الدروع لتتحصن ضد الضربات الطينية للجسد

بقدر ما تحقق تلك الشخصيات أقصى درجات الاستمتاع بمطالب الجسد المختلفة..بقدر ما تستطيع -للعجب- أن تسمو بالروح وتحلق بها بشدة -إن أرادت-..بقدر ما تعيش حالة جهاد دائم بين جنبيها..لو غفلت عه لهلكت وغرزت في الوحل..لو أطلقت لأحدى الطرفين العنان..لانطلق يهذي في جموح

وشخصيات سلمية..علاقة الروح-الجسد علاقة تعايش سلمي..حالة من رفع الحصار شبه الدائم..قد يمران بفترة خلاف وخصام..لكنها لا تطول..وقد يطغى أحدهما قليلاً على الآخر..لكنها سرعان ما تعود لوسط الطريق مرة أخرى في اعتدال

بقدر ما تعيش حالة من الاعتدال..بقدر ما تحصل على قدر معقول من الاستمتاع بسمو الروح وبتحقيق مطالبات الجسد

وبين الطين والنور..الجسد والروح..وميزان قد ترجح كفته لتخف أخرى.. وميزان تطيش كفته وتطيح أخرى..يقف الفيصل هو فعل التحرير

تحرير الروح من سطوة الجسد..والبغية هي الثنائية المقدسة
السمو..المتاع


وممارسة فعل التحرير تستلزم صدق لجوءوتوكل
(آل عمران: 160)
-
ممارسة فعل التحرير تستلزم صدق بالغ مع النفس أمام خالقها

فَقَالُواْ هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ
(الأنعام: 136)
-
ممارسة فعل التحرير تستلزم عملاً مقروناً بعلم
فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ
(يونس:89)
.
يقول النفري نقلاً من كتاب رأيت الله لدكتور مصطفي محمود: إن الجسد حقيقة فانية وإنه ثوب ابتلاء خلقه الله لامتحان الروح، والصفة البشرية بما فيها من شهوات وأهواء ورغبات ونزوات هى الأخري ابتلاء وامتحان لتوجه الروح والنفس. هل تدرك الروح نسبتها إلى الله وتتوجه إليه بكل حبها وشوقها أم يجرها الجسد إلى شهواته؟..هل تدرك النفس أنها مخلوقة، وأنها مسئولة أمام ربها عما تفعل؟
هنا الامتحان
(انتهى الاقتباس)
.
....
امتحان..منا مستعد..ومنا غافل
منا المكبل بجسده حتى عميت بصيرته..ومنا من يجاهد
كلما أطبق الجسد قيده علي جزء من روحه..سارع بفك القيد
فهلا أمسكنا خيوط الروح من الجسد
وتساءلنا

متي كانت آخر مرة مارسنا فعل التحرير؟؟

Wednesday, November 12, 2008

سترك ورضاك

كلما خرجت إلى الشارع ونظرت في وجوه الناس
أدركت شيئاً واحداً بات مؤكدا
"الناس تعبانة بجد ومهمومة"
--
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة، فإذا هو بأبي بكر وعمر، فقال ( ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة ؟ ) قالا : الجوع . يا رسول الله ! قال ( وأنا . والذي نفسي بيده ! لأخرجني الذي أخرجكما . قوموا ) فقاموا معه . فأتى رجلا من الأنصار . فإذا هو ليس في بيته . فلما رأته المرأة قالت : مرحبا ! وأهلا ! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أين فلان ؟ ) قالت : ذهب يستعذب لنا من الماء . إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه . ثم قال : الحمد لله . ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني . قال فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب . فقال : كلوا من هذه . وأخذ المدية . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إياك ! والحلوب ) فذبح لهم . فأكلوا من الشاة . ومن ذلك العذق . وشربوا . فلما أن شبعوا ورووا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: والذي نفسي بيده ! لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم

(حديث صحيح أخرجه مسلم )
توضيح: العذق هو ثمر النخيل
---
عن أبي عسيب ، قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلا ، فمر بي فدعاني، فخرجت إليه، ثم مر بأبي بكر فدعاه، فخرج إليه، ثم مر بعمر فدعاه، فخرج إليه، فانطلق حتى دخل حائطا لبعض الأنصار، فقال لصاحب الحائط: أطعمنا بسرا، فجاء بعذق فوضعه، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ثم دعا بماء بارد فشرب، فقال: لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، قال : فأخذ عمر العذق، فضرب به الأرض حتى تناثر البسر قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: يا رسول الله ! إنا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة؟! قال: نعم؛إلا من ثلاث : خرقة لف بها الرجل عورته، أو كسرة سد بها الرجل جوعته،أو حجر يتدخل فيه الحر والقر

(أخرجه الألباني بإسناد حسن)
-
لا إله إلا الله
يصف الرسول التمر والماء البارد بالنعيم

لا حول ولا قوة إلا بالله
سنسأل عن ما سوى الخرقة التي نُسد بها العورة..والكسرة التي نُسد بها الجوع..والحجر نحتمي فيه من الحر والبرد
--
رب اجعل هذا بلدا امنا وارزق اهله من الثمرات من امن منهم بالله واليوم الاخر
--
ألا يا رب نرى يوماً في هذا الغول؟

Wednesday, November 5, 2008

عندما تغضب الأرض

المساحة البيضاء الخاوية
تصيبني بالفزع
أدور حولها
حول نفسي
في قلق
..
البياض الخاوي يدعوني..يحرضني
علي البوح
وأنا في حالة خصام مع الأحرف والنقاط
مع الاصوات.. مع الصور المتحركة
..
أريد الصمت
ابحث عن السكون
المساحة البيضاء تريحني لانها خاوية..صريحة
صادقة..بلا نقطة سوداء و لا حمراء واحدة
..
سئمت من الضوضاء
أشعر أني أريد أن أطوح بأثاث بيتي
من النوافذ والابواب
لا أريد حولي غير أسقف و حوائط و أرضيات
خاوية بيضاء
لا أريد لعيني أن تصطدم بأي حاجز
ولا اي جسم ولون ورائحة
..
أريد الخواء..الاتساع
الأفق المفتوح..البساطة
البدائية..البكارة
أريد السكون..السكون
أريد الراحة..الراحة
..
أريد أن أتخفف من أعبائي
من الأثقال التي تطبق على رأسي
وتشده في اتجاه الأرض
فلا أعود أبصر غير الديدان
..
أريد أن أفتح نوافذ عقلي
لتنطلق كل الأفكار المحشوة
بذباب الكلمات خارج رأسي
فأتوحد -أخيراً- مع الطبيعة
وتعود إلي بكارة الإحساس
***
المساحة الخاوية البيضاء
تحرض غرور الإنسان
على تعكير صفوها بهذيان أفكاره الملوثة
بالعقد النفسية
والعاهات الذهنية المتوارثة
خطيئة الإنسان
انه لم يترك مساحة خاوية في الكون
ألا وطعن فراغها الغني بالرموز والمعاني
بسكين هرائه وإدعائه
ومزقها بمشرط أوهامه
لقاء أن يقبض عليها أجراً
بطولة الإنسان وشجاعته المجنونة
في استمراره في صراعه مع الحياة
وكأنه مخلد فيها
مع يقينه أنه
قد يتحول إلى حفنة من التراب الرخيص
قبل انتهاء زفرته الأخيرة
***
فجأة أجد نفسي وجهاً لوجه
مع هذه الحقيقة المرعبة
أشعر بالخوف..بعدم الأمان
أفقد رغبتي في الكلام
في الانتصار على الفراغات البيضاء
أريد السكون والراحة
أريد الإنزواء في أمان شاطئ بعيد
أفقه مفتوح
بلا سدود ولا عوارض أسمنتية
أريد العيش ما تبقي لي من عمر
في حضن الحقيقة
والحقيقة أننا خلقنا عرايا
بلا ثياب فاخرة مذيلة بإمضاء
كبرى بيوت الأزياء
وبلا مجوهرات تحبس جريان الدم
خلف معاصمنا ورقابنا
..
الحقيقة أننا جئنا الحياة
لنعيش في حضن الطبيعة
ونتعايش معها في سلام
وأن نخلق بين أجسادنا
وبين تضاريس الأرض
شيئاً من التوافق والإنسجام
***
من الكتاب الرائع جداً
لعائشة أبو النور
"ارحل لنلتقي"

Monday, November 3, 2008

يقبض العلم.. بقبض العلماء

الدكتور محمد المسيّر

إنا لله وإنا إليه راجعون
اللهم اجرنا في مصيبتنا..واخلفنا خيراً منها
الأمر أكبر مما يتصوره الكثيرون
فإن من أشراط الساعة قبض العلم..ويقبض العلم بقبض العلماء

عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ من أشراط الساعة أن يُرفع العلم، ويثبت الجهل،ويُشرب الخمر، ويظهر الزنا » متفق عليه

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما، اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا
المحدث: البخاري - خلاصة الدرجة: حديث صحيح
-
هذا العالم يستحق منا أن تلهج ألسنتنا بالدعاء له، وأن نجتهد في اقتفاء آثره، علماً وعملاً، دعوة ومنهاجاً
-
والله لقد كنت أرتاح جداً وأسر بالنظر إلي وجهه الطيب السمح وهو يتحدث.. فقد كان له سمت طيب صالح

جزاه الله عنا وعن جميع المسلمين خير الجزاء.. فقد كان على خير ولا نزكي على الله أحداً

اللهم اغفر له وارحمه..اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة.. واحشره في زمرة المتقين

اللهم أعز الإسلام وأذل الشرك والمشركين
آميــن