كم أود لو أفهم كلماتك التي تتمتمين بها تعبرين
بها عن نفسك بقوة وحزم وأقف أنا أمامك في بعض فهم لا تنفعني سنوات عمري ولا قامتي
التي تعلوكِ
اتأمل تفصيلاتكِ الدقيقة للغاية وأوحي إليكِ أنني
موافقة على ما تطلبين حتى ولو لا أفهمه في اللحظة.. فأنا يا صغيرتي صرت أدين لكِ بالنضج
أنضج على يديكِ وبين عينيكِ وأنزع عني لباس الضعف
والوهن.. وأعيش حالات من تجلد وثبات
تعلمين! ما عدت أهرب من الحنين بالنوم بل صرت
أتنفسه وأتحدث عنه وأحيا به بل واشتاق إليه.. اخطأت كثيرا حين ظننت أن علاج الحنين هو أن
نلوك الذكريات ونترك له أبواب الروح مفتوحة حتى يثير ما بداخلنا بعنفوانه.. نترك
له أنفسنا ليعصف بها أينما كانت وجهته
ما عاد من الممكن أن يسيطر علينا فوبيا الفقد..
بل صار الفقد الآن اصطفاء لمن رحلوا.. صار الفقد هو ضمان الحب الأبدي لهم وهو الذي
يصبغهم بتلك الصبغة الملائكية اللابشرية.. ندور في أفلاك متوازية ولابد من فلك فان
في كل يوم ولا يقف الدوران حتى نصير جميعا إلى فناء
ما عاد الأزيز في عقلي يصيبني بالدوار.. بل صار
هو دليلي على أن عقلي لازال يحيا ويرفض الخنوع لأفكار راكدة.. صرت أبحث له عن وقود
من أفكار جديدة حتى لا يخبو ينبأني أن الحياة قد اعتادت وجودي وأنني صرت عادية
أفقط أثري
ترين! أتبدل بحق لأجلكِ.. فإياك أن تضلي طريقكِ إلي قلبي
آتيك صغيرتي بروح جديد.. بقلب يقتات الحنين وعقل
يوقظه الأزيز وروح تحمل الدنيا على كفوفها تستمع برؤيتها تفنى وتتبعثر وتحن لقبسات
النور الإلهية
لا تستحق الحياة أن تشقينا هكذا.. أننسى أنها هي
من تفنى وأن لنا الخلود الأبدي
سيفنى الإحباط والحزن وضيم الظلم.. ويوم تمسنا
تلك النفحة النورانية يا صغيرتي سينسى العقل أنه ذاق شقاءا وينسى القلب وخزات
الفقد
لو سمعتيني يوما أرددها لوالدك "أن تلك
الحياة بكل أبعادها المتناثرة أثقل من أن يتحملها قلبي الصغير الواهن بين أضلعي"
ذكريني
امسكي يدي وذكريني بالنور.. ذكريني بك.. باسمك
عرفتي الآن لما أدعوك "نوري"
كوني لي أنت من تذكريني كل يوم بالنور الذي يأتي
ليمسح الظلام فلا يترك له أثرا ولا ذكرى
كوني لي دليل الفطرة.. وأنا لكِ دليل
الحياة