Wednesday, November 5, 2008

عندما تغضب الأرض

المساحة البيضاء الخاوية
تصيبني بالفزع
أدور حولها
حول نفسي
في قلق
..
البياض الخاوي يدعوني..يحرضني
علي البوح
وأنا في حالة خصام مع الأحرف والنقاط
مع الاصوات.. مع الصور المتحركة
..
أريد الصمت
ابحث عن السكون
المساحة البيضاء تريحني لانها خاوية..صريحة
صادقة..بلا نقطة سوداء و لا حمراء واحدة
..
سئمت من الضوضاء
أشعر أني أريد أن أطوح بأثاث بيتي
من النوافذ والابواب
لا أريد حولي غير أسقف و حوائط و أرضيات
خاوية بيضاء
لا أريد لعيني أن تصطدم بأي حاجز
ولا اي جسم ولون ورائحة
..
أريد الخواء..الاتساع
الأفق المفتوح..البساطة
البدائية..البكارة
أريد السكون..السكون
أريد الراحة..الراحة
..
أريد أن أتخفف من أعبائي
من الأثقال التي تطبق على رأسي
وتشده في اتجاه الأرض
فلا أعود أبصر غير الديدان
..
أريد أن أفتح نوافذ عقلي
لتنطلق كل الأفكار المحشوة
بذباب الكلمات خارج رأسي
فأتوحد -أخيراً- مع الطبيعة
وتعود إلي بكارة الإحساس
***
المساحة الخاوية البيضاء
تحرض غرور الإنسان
على تعكير صفوها بهذيان أفكاره الملوثة
بالعقد النفسية
والعاهات الذهنية المتوارثة
خطيئة الإنسان
انه لم يترك مساحة خاوية في الكون
ألا وطعن فراغها الغني بالرموز والمعاني
بسكين هرائه وإدعائه
ومزقها بمشرط أوهامه
لقاء أن يقبض عليها أجراً
بطولة الإنسان وشجاعته المجنونة
في استمراره في صراعه مع الحياة
وكأنه مخلد فيها
مع يقينه أنه
قد يتحول إلى حفنة من التراب الرخيص
قبل انتهاء زفرته الأخيرة
***
فجأة أجد نفسي وجهاً لوجه
مع هذه الحقيقة المرعبة
أشعر بالخوف..بعدم الأمان
أفقد رغبتي في الكلام
في الانتصار على الفراغات البيضاء
أريد السكون والراحة
أريد الإنزواء في أمان شاطئ بعيد
أفقه مفتوح
بلا سدود ولا عوارض أسمنتية
أريد العيش ما تبقي لي من عمر
في حضن الحقيقة
والحقيقة أننا خلقنا عرايا
بلا ثياب فاخرة مذيلة بإمضاء
كبرى بيوت الأزياء
وبلا مجوهرات تحبس جريان الدم
خلف معاصمنا ورقابنا
..
الحقيقة أننا جئنا الحياة
لنعيش في حضن الطبيعة
ونتعايش معها في سلام
وأن نخلق بين أجسادنا
وبين تضاريس الأرض
شيئاً من التوافق والإنسجام
***
من الكتاب الرائع جداً
لعائشة أبو النور
"ارحل لنلتقي"

1 comment:

Anonymous said...
This comment has been removed by a blog administrator.