هذه التدوينة هى صدى لسلسلة تدوينات بدأها فهد في مدونة بصمة وجدان تتناول عملية تحليل لحركة التدوين، آثارها وكيفية تحقيق أقصى إستفادة منها.. أدعوكم التجاوب معها والمشاركة بتدوينة عنها جزاه الله خير الجزاء عن هذا الجهد
------------
دعني أبدأ من عنوان تديونتك وهو هل البلد في حاجة إلينا؟؟
إني جاعل في الأرض خليفة.. إذن فنحن خلفاء الله في الأرض .. والأرض بشكل عام يعلوها الفساد وبلدنا بشكل خاص تغرق في الفساد.. نحن في مرحلة نحتاج فيها إلى كل ذرة جهد وطاقة.. وأعتقد أننا لا نبالغ إن قلنا إن عملية الإصلاح أصبحت فرض عين وليست فرض كفاية..قد وصلنا للمرحلة التي سيُسأل كلُ منا عما فعله في الإصلاح
.
كيف تري تلك الطفرة في عالم التدوين قبل خمس سنوات والان؟
بدأت التدوين منذ سنتان تقريباً وبالتالي تنقصني المعلومات الكافية لعقد مقارنة سليمة.. ولكن دعني أجيب على السؤال من جانب آخر وهو منذ خمس سنوات كيف كان يتم التعامل مع الافكار بعيداً عن التدوين وبعده..وأعتقد أن منذ خمس سنوات كان البديل الأكثر شعبية هو المنتديات والتي تختلف عن التدوين في وجود بعض القيود والرقابة من جهة المشرفين علاوة على فرض حظر احياناً للتطرق في أمور سياسية منعاً للمشاكل .. وجاء التدوين ليسمح بحرية مطلقة دون رقابة لا على الأفكار ولا على الموضوعات وهو ما جعل كل فرد يظهر بحق كل ما في جعبته دون تصنع وهو ما سمح لنا بالتبعية بإجراء عملية تقييم سواء للحالة الأخلاقية والثقافية لشريحة هامة من المجتمع
.
ما السبب الذي جعل الشباب يدخلون هذا العالم؟
مجانية خدمة الإنترنت وسهولة الحصول عليها ساهمت بشكل كبير في سهولة قضاء وقت طويل على شبكة الإنترنت وإنقسم مستخدمو هذه الخدمة لعدة فرق؛ منهم من اتجه لتعويض الفراغ العاطفي عن طريق التشات وما شابه من علاقات غير ملموسة ليسد بها رقعاً ما داخل نفسه وسداً للفراغ النفسي.. ومنهم من اتجه لتفريغ الافكار (بكل ما تضمه تلك الأفكار من اتجاهات) والمشاركة بها سداً للغربة العقلية التي يشعر بها وسط مجتمع قد لا يحالف الإنسان الحظ في وجود صحبة لها نفس الاتجاهات
.
ايضاً بريق فكرة الكتابة وحصريتها لفترة طويلة على طبقة الكتاب والصحفيين وبالتالي لم يكن من السهل أن ينضم أي شخص لتلك الفئة حتى لو كان يتمتع بموهبة أدبية أو يحمل افكار مبدعة إلا بعد عناء.. وكثير من الأفكار والمواهب دفنت تحت ستار التعنت والقيود التي تفرضها هذه الهيئات..وبالتالي فإن وجود صفحة خاصة ينشأها الإنسان بحرية من الألف للياء ويستطيع أن يضع فيها كل ما يحلو له دون قيد أو شرط أو رقيب يبدو لامعاً جداً جداً وبراقاً للكثيرين بغض النظر عن كونه سيحسن أو يسئ استخدامه
.
كيف تري مدي نضج التجربة؟
التجربة قطعاً في نضوج واضح .. واعتقد أن المقياس الحقيقي للتجربة يكون بقياس تأثيرها على أرض الواقع سواء على الأفراد أو المجتمع
فمثلاُ تأثير تجربة التدوين على بورصة الكتب. وهو ما يتضمن زيادة عدد الكتب المنشورة، زياد ة الاتجاه نحو حضور الأحداث الثقافية، زيادة الاقبال على شراء الكتب، وجود تنوع في الكتب المنشورة على مدار العام
فمما عاصراته وعانيت منه إن منذ نحو 4 سنوات تقريباً كنت أذهب إلى معرض الكتاب بعد انتظار طويل طوال العام وأجد صعوبة بالغة يعقبه إحباط شديد من عدم إستطاعتي شراء كتب تحمل فكراً ما.. وكنت ألجأ لشراء كتب قديمة أعيد طباعتها مرة أخرى..وقد أتعثر بصعوبة في كتاب جديد أو اثنين.. ولكن الوضع الآن في إزدهار واضح.. بل إن التدوين امتد أثره على نشاط المكتبات وموزعي الكتب.. فأصبحنا نجد كتب كثيرة ربما هي لكتاب غير مشهورة ولكن كثير منها جيد يغري بالقراءة حتى لو كانت من نوعية الكتب التي تقرأ مرة واحدة
وظاهرة أخرى وهي عملية التشجيع التي بدأت تتم بين الأفراد على المستوي التدويني للنشاطات الخيرية الإصلاحية
أما تأثير التديون على الافراد فكبير ولكن قد يطول الحديث عنه
.
هل تري ان التدوين والفيس بوك قد يكون له تأثير قوي وفعال في عالم الواقع وفي مشروع النهضة؟
التدوين، نعم قد يكون له دور ولكن ليس بالقوة والفعالية التي تجعل مشروع النهضة يقوم عليه بشكل أساسي كما إنه لا يضمن استمرارية وهو الأهم ..لكنه قد يكون عامل تشجيعي مؤثر على نطاق متفرق
.
الفيس بوك دوره اضعف بكثير لإن غالبية طبقة مستخدميه قد لا تحمل نفس الأهداف الإيجابية والأفكار القيمة التي يحملها كثير من المدونين.. أقصد بكلامي أن لو افترضنا وجود إحصائية للمدونين الذين يدونون لأهداف محددة إيجابية فإن نسبة المدونين ستكون أكبر من نسبة مستخدمي الفيس بوك الذين قد يستخدموه لنفس الغرض
.
ما اهم ما في تجربة التدوين ، اهم مميزاته واهم عيوبة ومشاكله؟كيف نستفيد بالتدوين وكيف نفعله؟
اعتقد إن الحديث عن هذا الأمر قد يطول للغاية فلأجعل إجابتي عن التدوين مميزاته وعيوبه والإستفادة منه في تدوينة أخرى
.
هل ترحب بوجود تمثيل لهذا العالم في ارض الواقع كهيئة او نقابة او جمعية او كرابطة اديبة ام تحب ان تظل في حدود الشبكة العنكبوتية ؟
حقيقة لا أحبذ هذه الفكرة بشكل كبير لإني أجد أن ما يعطي التدوين قوته هو بعض العشوائية والحرية التي تتيح للأفكار المبدعة بالخروج ومن ثم التنقيح ووضعها على المحك بمحاولة تطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع.. كما إننا نواجه مشكلة في التنازع على المقاعد الرئاسية في أي هيئة أو نقابة حتى لو كان المنصب شرفياً.. وإذا قامت تلك الهيئات على التطوع فقد لا نضمن الاستمراية والالتزام لظروف الحياة وصعوبة وجود قادة بسهولة .. إذا خرجت النقابة من دائرة التطوع إحتاج الأمر لتمويل ثابت ومن ثم الإحتياج لقيام نشاطات ربحية لتلك الهيئات والنقابات لضمان إستمرارية هذا التمويل .. وكل هذا الأمر قد يضعف دائرة تأثير التدوين ويخرجه عن إطاره غير المقيد الذي يمنحه كثير من جاذبيته
.
لكن هذا لا يمنع أننا نحتاج للتدوين كمساعد في عملية الإصلاح بجميع مستوياتها.. ويكون الاعتماد الأكثر تأثيراً وتركيزاً هو الإصلاح الملموس على أرض الواقع لأن مرحلة الكلام هي اسهل ما في الأمر والتأثير سهل وممكن ولكن اصعب مرحلة والفيصل هي التنفيذ على أرض الواقع .. فكم منا سطرت يده كلمات وكان هو الأول في عدم تنفيذها أو الاستمرار عليها
.
ختاماً: التدوين تجربة رائعة للغاية تركت أثراً ما على كل من خطا بقدمه داخلها.. قد تكون عامل مساعد قوى في عملية الإصلاح الداخلي (للنفس) والخارجي (المجتمع).. ونجحت بشكل باهر في خلق تكتلات وتجمعات غير ملموسة بين كثير من المودنين الذين تتشابه خطوطهم في الحياة.. تلك التكتلات والتجمعات يتعظم دورها بشكل يتطور تدريجياً.. هذه التكتلات تبدو كفوضى منظمة وهي في رأيي المتواضع ما تكسب التدوين جزءاً كبيراً من قوته
.
عذراً للإطالة وللإسهاب.. وللحديث في هذا الأمر بقية إن شاء الله
----------
إمتحاناتي على الأبواب.. أسألكم الدعاء بشدة