Wednesday, June 10, 2009

اعترافات عقل.. 2


عدت مرة أخرى إليك.. مر وقت طويل على اعترافاتي.. لاداعي أن تدعي الذكاء إنها فقط مشاغل الحياة التي جعلتني أتغيب.. ولكن لماذا تسألني عن غيابي!.. لا تنسى اتفاقتنا السابقة: أنت تسمعني حتى أنتهي تماماً وأخرج كل ما في جعبتي ثم أرحل مغادرة.. وعليك أن تلزم الصمت المطبق، ألا تتلفظ بنبس شفة عما سمعت مني .. أن تتركني أحافظ على الأنا البراقة التي تعبت في تشكيلها لتكون مبهرة للجميع .. أن تنكر قطعاً معرفتك بهذا الجزء المخبوء في نقوش محارتي

دعنا من تلك المقدمات المستهلكة والكلمات الموزونة، الأمر بحق خطير هذه المرة، إنهم يتبدلون.. يتبدلوووون..تسقط حواجز وأغشية من أمام عيني.. رباااااه أم لعلها تتكون.. لا أدري.. صدقني صرت لا أعقل شيئاً، ما أعلمه يقيناً أن ما حولي من موجودات تتغير، تتبدل بشكل خطير وتتشكل مرة أخرى بشكل ينذر بأمر جد.. أنا لم أخطط لذلك.. ولم نتفق على هذا منذ البداية.. ومع ذلك فإنهم يتبدلون.. يتشكلون

حسناً سأضطر أن أشرح لك.. ليتك كنت فقط أكثر ذكاءاً؟؟

انصت!.. انصت جيداً معي.. أتسمع صدى تلك الحروف، لم يعد ابداً كالسابق.. انطق هكذا حرف الميم.. بم تشعر؟؟ جرب الحاء الآن.. عشت دهراً تتساوي عندي الميم والظاء، الحاء والراء، من قال أن الباء قد تختلف عن القاف.. لكنني أؤكد لك انها اختلفت الآن.. بعض الحروف يهوي عند نطقها قلبي الآن.. تخفق لها الروح بين جنباتي وأظل ابحث عن تلك الروح المسروقة.. كم عشت عمراً طويلاً ساذجة أصدق أن الأبجدية ثمانية وعشرون حرفاً فكيف يعقل أن أختزلت الآن في بضعة حروف.. لم يقل لي أحدهم ابداً أن حروف الأبجدية قد تتبدل وتتلون بهذا الشكل.. قد تملؤها فراشات ملونة وضى القمر.. قد تفوح منها رائحة مسكى الابيض المفضل وزنبق فضي.. كنت قديماً أنعتها بالصماء، حروف جرداء تموت حين تقال، أما الآن فهي حروف تتبدل لتترك عزفاً سماوياً الألحان يتردد صداه في.. وجداني
.
دعك.. دعك من السماع
فلتنظر.. افتح عينيك وتأمل حولك تلك الأماكن: أوقن أن مساً ما أصابها هى الأخرى.. تتبدل هي الأخرى..لكم مررت بتلك البنايات الحجرية ولم تعن لي يوماً أي شيء مختلف، نفس الحوائط ونفس الشوراع.. أيعقل ان تتبدل أمام خلايا عيني ليصبح لها ذاك الوقع الغريب في النفس.. كما لو أن رباطاً غليظاً يشدني مربوط في أعماق الروح.. قل لي بربك من أنطق تلك الأماكن بالحنين؟.. من نثر فيها ذاك الدفء والأمان، وذكريات لا تزال بعد في طي التكوين.. ما هذا الطيف النوراني الغريب الذي يضيء في حنايا المكان

لكم يقلقني صمتك المريب هذا.. إذن فلتستعد للضربة القاصمة.. حزر من يتبدل ايضاً
إنها الساعات، الأيام والدقائق، عندما تدق يدق معها أشياء أخرى بداخلي.. من قال أن دقات العاشرة قد تجعلك تحلق للسماء وأن دقات الثانية عشر قد تغرق عينك في العبرات.. قل لي بربك من ذا الذي تجرأ وأخذ يعبث بساعاتي ودقائقي وأيامي وشهوري.. لكم بدت لي حمقاء تلك الأميرة وهي تستجيب لدقات الثانية عشرة.. وماذا لو انتظرت للواحدة، وماذا لو لم تعد للبيت أصلاً..وهل تختلف الساعات!!.. لم أكن لأهتم بأمر الأوقات، فكيف يصير معنى للثواني والساعات

لا تتركني هكذا أجمح في جنون.. ينبغي ان تصدقني، كيف لا تسمع ما اسمع؟ لا ترى ما أرى؟؟.. ألا تشعر بما أشعر!!.. أقول لك أنهم يتبدلون.. وإني حاولت الفرار..الهرب بعيداً بعيداً
ولكن أين أذهب.. وقد سدت أمامي كل الثغرات والمنافذ
بل والأعجب أن كل الدروب تفضي إليه لا مفر
لا مفر
ـــــــ

قفي ، أين تمضين ؟ فيم اندفاعك
من ذا ترين بأفق الشرود
وما هذه ؟
رجفة في كيانك ممّا تشدّ عليه القيود
تمرّد روحك في سجنه
يريد يحطّم تلك السدود
ليسمو طليقاً خفيف الجناح
وراء الزمان ، وراء الحدود

(الأبيات لمحمود درويش - هروب)

4 comments:

nano said...

ورود حمراء وشموع واضواء خافته
رقيقة ورومانسية

Epitaph1987 said...

they're not changing..they're just breathing ang getting coloured :)

breathe along :)

Epitaph1987 said...

they're not changing..they're just breathing ang getting coloured :)

breathe along :)

Rasha Elkheshin said...

لا مفر و لا مهرب

لا تهربي وواجهي قد تسعدي بالمواجهه و لكن من يدري دون ان يحاول ان يجرب المواجهه و حين نهرب نفقد معني الحياة نفسها و ان نتعلم