كل شيء في الآفاق يبدو جنونيا كارثيا.. مؤلما وفاجعا.. واقع لا فكاك منه ولا مهرب حتى لو سافرت مهاجرا وتركتها
حتى لو رفضت متابعة الأحداث تطاردك بضراوة تفتك بقلبك وبمشاعرك فهي تمس زوجك واصدقائك وأهلك وأحبابك وإخوانك
تلاحقك صور الشهداء أمامك في كل مكان..شباب طاهر لن يعيش ليرى النصر، فلما يموت من أجله ويحيا العبيد!!! لكنك تضطر لمتابعتها لتطمئن علي أهلك وأحبابك
ولا يبدو للوجع نهاية.. نعم يسكن الأمل واليقين في نصر الله في كل حنايا قلبك.. لكن القلب لم يعتد هذا النوع من الصبر على الشدائد
هو اضعف وأهون من ذلك
حتى صار لا يفلح أن تدفن رأسك في التفصيلات اليومية متظاهرا أنك لن تعرف وتقبل بعيش أناني بغيض بين جدران بيتك.. لكن ما يحدث يطالك يوميا بشتى الأشكال
وصار لا يفلح متابعة النضال والتضحية فالهدف كل مدى يستحيل أشد وهنا وضعفا حتى أوشك القلب أن يضج بكرهها وهو الذي كان يسعى فيها كل يوم لعل يأتي يوم ويعلو شأنها وترقى ويخلصنا الله من الظالمين
يمر يوم ندم على كل ما بذل من أجلها ثم يختار أغلب من فيها الذل والهوان
اليوم بعدما بلغ الحزن والغضب والضيق والعجز مبلغه قمت أسير بلا جهة أتخبط بين الجدران حولي لا أعرف ماذا أفعل وأين أذهب بعقلي المفجوع
واشتقت للحظة سكون واحدة ولم أجد في ذاكرتي سوى لحظات القرآن ومشاعر الهروب فيه وإليه
وحده القرآن تعيش فيه الواقع العادل.. الذي يأتي عدل الله ونصره ليمسح كل علامات الظلم التي ذكرت قبلها
"وكان حقا علينا نصر المؤمنين"
وحده القرآن هلك فيه كل من ظغى وتجبر ولم يجد له نصيرا ولا وليا
فيه هلك فرعون وهلك قوم عاد وقوم ثمود قوم لوط وقوم نوح وهامان وقارون بعدما قالوا من أشد منا قوة
"أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا"
وحده القرآن يرتقي فيه الشهيد فيحيا ويموت فيه الظالم فينسحق
"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون"
"وتتلاقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون"
وحده القرآن يمسح الغم والهم والحزن فيقول لك:
"قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض"
وحده القرآن يبشرك أن بشار هالك لا محالة وسيأتي يوما يفرح فيه أطفال سوريا
"حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين"
وحده القرآن يطمأن قلبك انه سيأتي يوما وتصلي فيه في المسجد الأقصى يوم يهلك أحفاد القردة والخنازير
وحده القرآن يؤكد يقينك أنه سيأتي يوما ويذهب كل الطغاة في بلادي وستلفظ أرضها الأنجاس
"إن الله جامع الكافرين والمنافقين في جهنم جميعا"
وحده القرآن يخبرك بخلاصة الأمر كله:
"أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ وَالضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ألا إن نصر الله قريب"