Friday, January 29, 2010

أدور.. أدور


أدور وأدور أدور حتى يتوه كل توازني ويتلاشي
أفرد ذراعي كأجنحة بيضاء حريرية وأدور.. تتساقط الشريطة الحريرية التي تقيد خصلات شعرى معي فتنطلق تدور معي فرحة هى الأخرى.. لعبتي المفضلة عندما كنت طفلة
أرفع رأسي فأري الحوائط حولي تتلاشى.. يصبح النور ساطع في كل الارجاء دون توقف.. وينتشر إشراقه في كل أرجاء المكان.. حتى إنه ليتسلل داخلي
وعندما تنفذ آخر قطرة في رصيد توازني ألقى بنفسي على دثاري الدافيء لاستمتع بشعور الخدر اللذيذ من فقدان التوازن يسري في جسدي وتنطلق مني ضحكة تعلو وأنا ارى كل الموجودات حولى تتمازج وتندمج.. لا فوارق بين الحائط والأرض.. الاثاث الثابت وعقارب ساعتي المتحركة
كله صار مزيجاً محبباً إلى قلبي.. يحنو على
.
ندور بين الغرف - لا يجرؤ أحدنا أن يصف هذه الغرفة بـ البيت- حجرة مظلمة تخنقها الرطوبة.. لا نافذة.. لا أية آثار حياة سوى بقايا غطاء ملقى في جانب مهدم.. تشكو لنا بأن أحدهم سرق حلتها الوحيدة وهي لا ترغب سوى في حلة ولو دون غطاء حتى تستطيع إعداد طعام.. تؤكد لنا إنها مستورة.. الحمد لله
.
ندور ندور بين الغرف -لا يجرؤ أحدنا أن يصفها بـ بيت- حفرة في الارض يغطيها قطعة قماش مهترئة.. تطير عند عبور فقط أحدهم بجوارها.. وتنخلع لتيار هواء عابر.. يخبرنا أحدهم أن هذا الحمام المشترك لجميع الساكنين.. لكنه يؤكد لنا إنها مستورة.. الحمد لله
.
ندور ندور بين الغرف - لا يجرؤ أحدنا أن يصفها بـ البيت- تخبرنا أنها تقبض شهرياً 52 جنية ونصفا كمعاش لزوجها.. فقط لديها ثلاثة ابناء ووالدتها.. تؤكد لنا أنها مستورة.. الحمد لله
.
تقابلني جارتي صدفة فتخبرني بأنها سترسل ولدها لاستكمال دراسته الثانوية في الخارج.. وتشاركني قلقها في إنها تخشى عليه بقوة.. هو لا يستطيع أن يقشر تفاحة لنفسه.. تقسم لي بقوة أنها هي من تقشر له التفاح.. ستكون مستورة.. الحمد لله
.
ادور وأدور وأدور حتى يتلاشي كل توازني
أفرد ذراعي كأجنحة رمادية وأدور.. تقبض تلك الشريطة على خصلات شعري تقيده.. كانت لعبتي المفضلة
أرفع رأسي عالياً فأرى الحوائط حولي تعلو عالياً.. والظلام ينتشر في الغرفة حولي في كل مكان.. بل يكاد ينطبع بداخلي
وعندما استنفذ آخر قطرة من توازني أرتمي على الأرض يعلوني نهيج بكائي ويصفعني قسوة الحواجز كلها حولي
نعم.. الفارق يتسع بين الحائط والأرض.. الأثاث يرتطم بجسدي
وساعتي قد توقفت عن العمل
ليتهم فقط تركوا لي لعبتي المفضلة.. يوماً آخر
قبل أن تثقلني.. فوارق الحيـاة
_______
أنك ثابت
وأنا على ذاتي أدور أدور
الارض تحتي دوماً محروقة
والارض تحتك مخمل وحرير
فرق كبيـر بيننا يا سيدي
فأنا مقيدة وأنت تطير
(سعاد الصباح)

8 comments:

Fahd said...

هو شيء صعب علي النفس
هذا التناقض بين العالمين
عالم المكدوحين وعالم المترفين

تحكين عن يويتيوبيا احمد خالد توفيق ولكن بشكل اخر
شكل حقيقي مؤلم

صحيح ان فكرة خالد توفيق سوداودية ولكن جزء منها نعيشه

عبرتي عن الاختلاف والتناقض الذي تعيشين فيه

بين حياتك الخاصة وبين من حولك وبين المساكين الفقراء الذي ينتظرون وجبة او شنطة مساعدة او بطانية ب36 من الوكالة

عبرتي عنها بغموض

قد يشفع لك ثقل الامر عليك

انت مثقله بهموم انسانية
هموم انسانية للفقراء المساكين
وهموم انسانية للاغنياء المترفين
حيث انهم مساكين ولكن بشكل اخر

الرجاء الا تفقدي اتزانك ابدا مهما كانت الحياة قاسية

فكلا المساكين يحتاجون اليك

مسكين المال
ومسكين الشعور

بارك الله فيك ونفع بك

نسيت ان اخبرك ان علي الرغم من
الغموض الا انها جميلة ممتعه
هي تشبع شيء ما في الروح

Heba said...

الفوارق الإجتماعية شئ طبيعى، بس اللى بيحصل دلوقتى ده قاسى ومؤلم.
الوضع دلوقتى مبقاش مجرد فارق بين الطبقات. ده بقى صدع فى المجتمع

هزتنى اوى جملتك من كام يوم على الفيس بوك: أنا مين فيهم

وكلام الأبنودى عمال يرن فى دماغى
إحنا شعبين..
شعبين.. شعبين
شوف الأول فين
والتاني فين
وآدي الخط مابين الاتنين
بيفوت

Unknown said...

أصبت بالدوار مع نهايتها ،،، شعور بقلة الحيلة ينتابنى أحياناً ... عندما اسافر أسميه دوار الغربة ولكنه فى الواقع دوار الحياة ....
دواير دواير دواير
و الكل فيها داير
دايرة بتشبك فى دايرة
و التانية فى حالها حايرة
و ندور ندور ندور
و نتوه وسط السطور
و القلب دار و حار
بين جنة و ألف نار

التحدى فى القدرة على حفظ الاتزان و وضوح الهدف رغم طول المدة و صعوبة الحل أحياناً ،،، يبقى فقط أن نحتفظ بعقولنا فى منأى عن هذا الدوار حتى لا نفقد اتجاهنا ،،،

تقديرى

(صندوق الدنيا) said...

هكذا الدنيا يا أختي
كرة تدور
تدور بذاتها...وبما عليها...وبكل من فيها...وما يحدث حولهم
اللم يا مقلوب القلوب ثبت قلوبنا على دينك

Ahmad Hegab said...

فقط تذكرى أنك تنضجين أكثر وتسيطرين على أمور أكثر و جاء دورك لتساعدى أحدهم ,يوما ما سوف تكونين أم لطفله صغيره سوف تدور و تدور حتى ترى أجنحتها البيضاء محلقه عاليا و مع دورانها سوف تعود فرحتك و لو للحظات سوف تتلاشى فوارق الحياه و تعودين طفله تلقى بنفسها فوق دثارها الدافيء

تحياتى

Ahmad Hegab said...

فقط تذكرى أنك تنضجين أكثر وتسيطرين على أمور أكثر و جاء دورك لتساعدى أحدهم ,يوما ما سوف تكونين أم لطفله صغيره سوف تدور و تدور حتى ترى أجنحتها البيضاء محلقه عاليا و مع دورانها سوف تعود فرحتك و لو للحظات سوف تتلاشى فوارق الحياه و تعودين طفله تلقى بنفسها فوق دثارها الدافيء

تحياتى

بنت الصالحين said...

كعادة كتاباتك

بعضهاغامض ولكن تحمل معاني عميقة

قد يتخيل البعض أنها حالة شخصية ولكنها ببعض التركيز , مشاكل عامة وأمور حياتية بحتة نقف مامها عاجزين



أحييكي


وأريد أن اخبركِ

اشتقت لكتااتك ودخول مدونتك

يا مراكبي said...

برغم من علمي اليقيني بوجود الفوارق بين الطبقات وفق ما قدره الله عز وجل إلا أنني أحس بأن قسوة التعامل مع هذا الفوارق قد ازدادت مؤخرا بشده عما كان قبل ذلك

تعلقك بتلك اللعبة الدواره حتى الآن ما هو إلا محاولة للغياب عن الوعي ولو مؤقتا .. هروب من قسوة الواقع .. وأملا في العودة إلى الماضي الذي كان أفضل