ت
تمعن في تذكر تلك اللحظات هناك واجترارها حتى لا تنساها،، محمية وادي دجلة.. ربما لم يجيدا اختيار التوقيت فذهبا في يوم شديد الحرارة،، وربما لم يجيدا اختيار الموعد فذهبا بالأطفال في مكان لا يناسبهم.. لكنها لا تنسى أنه أراد فقط أن يحقق لها ما ألحت في طلبه منه وأن يذهبا سويا يوما ما لاستكشاف المكان.
تمعن في تذكر تلك اللحظات هناك واجترارها حتى لا تنساها،، محمية وادي دجلة.. ربما لم يجيدا اختيار التوقيت فذهبا في يوم شديد الحرارة،، وربما لم يجيدا اختيار الموعد فذهبا بالأطفال في مكان لا يناسبهم.. لكنها لا تنسى أنه أراد فقط أن يحقق لها ما ألحت في طلبه منه وأن يذهبا سويا يوما ما لاستكشاف المكان.
تعلم أن غياب البشر من حولهم جعله يتركها تفعل
ما ترغب فيه كالجري حتى ينقطع نفسها، والالتحام بالأرض الرملية حتى تحرقها الشمس، والصعود بطفولية تامة فوق أي تلة من التلال القصيرة لتنتشي بشعور طفولي
من الإنجاز بصعودها.. لكنها غابت كثيرا بعد صعودها وتسببت له في كثير من القلق.. غابت
وغابت ثم ظهرت له زائغة العينين وقد امتلأت بخواطر لم تعرف حتى كيف تنطق بها!
تتذكر كيف أنها عندما صعدت تلك الأمتار
القليلة جدااا وأخذت تدور بيديها لم تجد سوى ملكوت الله وخلقه حولها،، اختفى البشر
واختفت السيارات التي كانت تحيط بالمكان،، واختفى كل شيء ولم يبق سوى "الله
كان ولا شيء سواه،، بلا بدء ولا منتهى".. الله الخالق يجبر عقلك وفكرك وروحك
وخواطرك وهمومك على التضاؤل لترى نفسك في حجمها الحقيقي كمخلوق بسيط عبد لربه، لكن
ربه ألبسه قوة به واستخلاف وأمانة في الأرض.
حينها وجدت نفسها تجلس على تلك الصخور، نعم! فبعض
الأفكار عندما تسيطر على عقلك يكون لها ثقل ووقع في النفس يجبرك على الالتحام
بالأرض،، كم تحب هي ملمس الأرض والالتحام بها والتفكير في أنها من تلك الذرات
ويكأن الطين بداخلها يحن لما كان منه.
تبحث عن آثار العابرين من قبلها وكيف فكر أحدهم
في نثر بعض الحبوب للطيور، ترى بقية آثارها.. دوما سيبقى في تلك الحياة عابرون
بأثر قوى لا يثيرون ضجة ولا يعلمهم لإخلاصهم إلا الله! فترى كم تبعد خطواتنا عن
مثل هذا الأثر العميق!
تتذكر كم مرة عزمت فيها على أخذ خلوة من
الحياة عنوة عن كل ما يشغلنا. فوهم الانشغال وتلك الهالة الممتعة التي تحيط بكلمة
مشغول ولا أجد وقتا للتنفس,, وتلك الإيجو بدلخنا التي تكتسب إحساس زائف بالأهمية
والقيمة بقدر ما تستشعر انشغالها في الدنيا وانكبابها على العمل.. لكن كيف ننشغل
عن خلوة مع النفس التي نسعى ونكبد في الحياة من أجل أن تنعم –يوما ما!
أتذكر أول مرة أسمع عن عبادة التأمل في خلق
الله، كم بدا لي الأمر غريبا،، أن يكون التأمل مدخلا للوصول إلى الله وفهم صفاته,,
أن يكون التأمل مقصدا يمنحني وقودا للثبات على الطريق،، ويمنحني قبلها فرصة
لأستبين الطريق!
ربما لم أخبرك قبلا لماذا تلك الصورة التي
التقطها لي هناك هي الوحيدة التي أرى فيها نفسي وتذكرني بتلك اللحظات الغالية التي
لازلت أحتفظ بأسرار وخواطر منها لم أخبرها لأحد! إن لبدنك عليك حق، ولروحك عليك حق
أن تمنحها وقتا لتتنفس وتفتح طريقا بداخلها للنور يتسرب منه، وتطرد ما تلقيه
بداخلها الحياة من هموم.. أن تمنحها مساحة لتعرف ربها حتى لا تجري في كل وجهة في
الحياة تسعى لأجل روح لم تعرف نفسها ولم تواجها ولم تمنحها فرصة للقياها.
منذ اللحظة التي نزلت فيها للأرض وأنا أعزم أن
أذهب يوما ما وأتغلب على خوفي من المرتفعات وأصعد لقمة جبل لأشهد على قمته ليلة
مقمرة يتبعها شروق يشق بين جبال، فأعلم أني قد حظيت بتلك اللحظات نعيم الدنيا وما
فيها!
هي لحظات عشتها هكذا.. دون تعقل، دون رقابة!