هي: الرميصاء أم سليم بنت ملحان.. ذات أنوثة وجمال تزينها رزانة وسداد رأي.. تتحلى بذكاء نادر وخلق كريم
هو: زيد بن سهل بن الأسود مشهور بكنيته أبو طلحه وقد كان من الشجعان والرماة المعدودين
زواجهما: كانت أم سليم مع السابقين إلى الإسلام من الأنصار وكانت متزوجة من ابن عمها مالك بن النضر وأنجبت منه "أنس بن مالك" وعندما علم زوجها بإسلامها غضب غضباً شديداً ورفض الإسلام ولكنها كانت تلقن سيدنا أنس الشهادة والتوحيد فكان يثور ويتهمها بإفساد ابنه وكانت أم سليم تمتاز بعزيمة أقوى من الصخر فخرج زوجها من البيت يوماً غاضباً فلقيه عدو له فقتله.. فتفانت في تربية ولدها أنس و وذهبت أم سليم إلى الحبيب العظيم صلوات الله عليه وسلامه على استحياء وعرضت عليه أن يكون فلذه كبدها أنس خادما عند معلم البشريه كل خير, فرحب رسول الله صلي الله عليه وسلم وأقر عينها بذلك ومضي الناس يتحدثون عن أنس بن مالك وأمه بإعجاب وتقدير ويسمع ابو طلحه بالخبر فيهفو قلبه بالحب والإعجاب فيتقدم للزواج من أم سليم ويعرض عليها مهرا غاليا، إلا أن المفاجأه أذهلته وعقلت لسانه عندما رفضت أم سليم كل ذلك بعزه وكبرياء وهي تقول: أنه لا ينبغي أن اتزوج مشركا أما تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم ينحتها عبد ىل فلان وأنكم لو اشعلتم فيها نارا لاحترقت. فأحس أبو طلحه بضيق شديد فانصرف وهو لا يكاد يصدق ما يرى ويسمع ولكن حبه الصادق جعله يعود في اليوم التالي يمنيها بمهر أكبر وعيشه رغده عساها تلين وتقبل.. ولكن أم سليم الداعيه الذكيه تشعر بأن قلعه الإسلام في قلبها أقوي من كل نعيم الدنيا فقالت بأدب جم: ما مثلك يا أبا طلحة يرد ولكنك رجل كافر وانا امرأه مسلمة ولا يحل لي أن أتزوجك فإن تسلم فذاك مهري ولا أسألك غيره.. ويسلم أبو طلحة
وتتزوجه أم سليم ليكون مهرها اكرم مهر أُعطى لإمرأة.. فقد كان مهرها الإسلام
معاً في الإبتلاءات: ويرزقهما الله بطفل يسمياه أبا عمير ويصبح لهما قرة عين ويشاء الله أن يمرض ولدهما.. وخرج ابو طلحه مره إلى المسجد فقبض الصبي وتلقت الأم الصابرة الحادث بنفس راضيه طيبه وسجته في فراشه وهي تردد:إنا لله وإنا إليه راجعون وقالت لاهلها: لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتي اكون أنا من أحدثه.. ولما رجع أبو طلحه كانت أم سليم قد جففت دموع الرحمة من عينيها وهشت لاستقبال زوجها واجابته عن سؤاله المعهود: مافعل ابني؟ فقالت له: هو اسكن ما يكون.. فظن أنه عوفي ففرح لسكونه وراحته ولم يدن منه لكيلا يعكر عليه سكونه ثم قربت إليه أم سليم عشاء اهدته له فاكل وشرب ثم صنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك ولبست أجمل ثيابها وتزينت وتطيبت فأصاب منها.. فلما رأته قد شبع وأصاب منها وهدأت على ولده حمدت الله إنها لم تفجعه وتركته يغط في نوم عميق.. فلما كان من آخر الليل قالت: يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم فهل لهم أن يمنعوها عنهم؟ قال : لا.. قالت: فما تقول إذا شق عليهم أن تطلب هذه العاريه منهم بعد أن انتفعوا بها.قال: ما انصفوا.. قالت: فإن ابنك كان عارية من الله فقبضه فاحتسب ابنك .. ولم يتمالك أبو طلحه أعصابه وغضب منها أن تركته يهنأ بالطعام والشراب ويصيب منها دون أن تخبره بهذه الفاجعة وأخذت تذكره وتصبره حتي استرجع وحمد لله وهدأت نفسه..فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم واخبره بما كان فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: بارك الله لكما في ليلتكما زوجين يحبهما الله ورسوله.. فكان ذلك حملها بعبد الله بن أبى طلحة فلما ولدت ليلاً ارسلت بالمولود مع أنس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضغ رسول الله تمرات ثم حنكه فقال أنس: سمه يارسول الله فقال:( هو عبد الله).. وأبدلهما الله ذرية صالحة (قيل سبعة أولاد) من حفظة القرآن
معاً في الخير: من مآثر هذه الزوجة الصالحة وزوجها المؤمن أن الله
أنزل فيهم قرانا يتعبد به الناس.. وذلك عندما جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب زاداًً ولم يكن في أي بيت من بيوت النبي ولا حتى ماء فقال الرسول للصحابة: (من يضيفه يرحمه الله) فقام أبو طلحه فقال: أنا يارسول الله, فانطلق به ودخل يسأل أم سليم هل عندك شيء؟ قالت : لا إلا قوت صبياني قال : فعلليهم بشيء ونوميهم.. وقدما الطعام لضيفهما وباتا هما دون طعام فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة و أنزل الله فيهما آية.. ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصه) ايه 9 من سوره الحشر .ولم يتمالك أبو طلحة نفسه من الفرح وأسرع ليثلج صدر زوجته ويقر عينها بانه قد انزل الله بهم قران يتلي
هذه لمحات بسيطة جداً من حياة زوجين مسلمين كان اولويتهما "الله" فبنيا بيت مسلم لا تزال أسسه قائمة وثابتة.. يضرب به المثل حتي يومنا هذا
أم سليم كانت لها أولويات عند اختيار زوجها فلم تتنازل عنها أمام أي مغريات أخرى.. وأبو طلحة كان يعلم قدر المرأة الصالحة السديدة الرأي فلم يفرط في أم سليم وسعى لفعل أي شئ حتي يصل إليها.. فكان كل منهما يدرك قيمة الآخر فحافظا على حبهما وأصبحا مثلاً خالد الذكر في القرآن العظيم
أم سليم اتحدت رؤيتها وأهدافها مع أبي طلحة فلم تنهره وتغضب مثلاً عندما تصدق ببستان كامل لمجرد انه عندما كان يصلى في البستان لمح طيراً ملوناً فشغله وسهى في الصلاة فتصدق بالبستان كاملاً لله ليجعله الرسول لله كما يحب الله ويرضى.. فلم يختلفا في طريقهما لله ورسوله
أبو طلحة كان لها نعم الزوج ونعم الرجل.. قوى وشجاع.. عابد أمين.. رقيق محب.. يشركها معه في كل تفصيلات حياته.. يسمح لها أن يمتد دورها الدعوى فنراها تخرج معه في غزوة حنين وتتخذ خنجرا ويقول أبو طلحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يارسول الله هذه أم سليم معها خنجر فتقول يارسول الله إن دنا مني مشرك بقرت به بطنه. وكانت تخرج لتداوي المرضى وتسقى الماء في الغزوات مع رسول الله والصحابة رضوان الله عليهم
أبو طلحة وأم سليم لم يختارا حياة عادي ابن عادي الذي يعيش حياة عادية وينجب أطفال عادية ويموت ميتة عادية.. بل اختارا حياة سخروها لخدمة الإسلام فامتلات بالعظات والعبر لكل زوجين مسلمين.. حياة صعبة وشاقة مليئة بالابتلاءات والمحن لا حياة راحة واستسهال.. شكلوا حياة يرضى الله ورسوله عنها.. فكان جزاؤهما أن بشر الرسول أم سليم بالجنة واسُتشهد أبا طلحة ليلتقيا الحبيبان ايضاً في الجنة.. فقد كانا معاً في الدنيا.. كما يحب
. .
أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ، إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم
(سورة التوبة: 109-111)
أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ، إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم
(سورة التوبة: 109-111)
------
عنوان التدوينة (كانوا كما يحب) مقتبس من اسم سلسلة دروس للداعية مصطفى حسنى ألقاها في مسجد الصحابي 2008
--------
لمتابعة بقية التدوينات ذات الصلة