Sunday, October 26, 2008

شطحات.. 5 .. والأخيرة

أتوق دوماً للشتاء ..أنتظره لأمارس طقوسي الشتوية.. لتبدأ معها الروح في النماء بعد أن أحرق أوراقها لهيب الصيف وعصفت بها رياح الخريف
.
أضم ذراعي إلى خلايا جسدي بقوة..أزيل المسافات الفارقة بينهما.. لعلي..ألملم شظايا الروح المتناثرة..أعيد التصاق ذاتي بالقالب الجسدي الذي يحويها..أصل إلى معاهدة سلام بينهما..دون أن يقدم أحدهما في حمق ويخرقها..كالعادة
.
أضم أناملي..وأذوبهما معاً..لعلها..تنطمس التناقضات والاختلافات التي تقصمني شطرين..ربما يكتب لها القدر يوماً أن تنسجم
.
وعندما تكشف النسمات الليلية عن برودة يهتز لها الجسد قليلاً..أفتح جميع نوافذ الروح..أتدثر بدثار كثيف من الخارج..لكن ما يلبث أن يثقل روحي هذا الدفء المصطنع..فأطرحه بعيداً عنها..أزفره بقوة من خلاياي..لعلها..تطرد بعيداً الهموم والأحزان التي تستوطن الروح
.
أقف علي البلاطات الباردة الغير مغطاة..عارية القدمين..ألصق جبهتي في زجاج الشرفة المثلج..أحاول أن تمتص خلاياي البرودة..لعله..ينطفئ هذا الاشتعال الذي يثيره الإزيز المستمر داخل العقل..اتساءل ألا تستطيع البرودة أن تتسلل خلسة إلى القلب فتتجمد الخلايا وينطمس الإحساس
.
تجتاحني الأمطار..فأنتشي..أري تساقطها على الروح..كنجمة فرت من عقد السماء لتستقر علي راحتيي بحثاً عن الدفء بينهما..وعندما تجدهما مثلجتين..عاريتين من حياة..تفر مذعورة لأخري..دافئة ً
.
يجتاحني الشتاء..فتسقط كل الذكريات المؤلمة في القاع..تسبح البقية إلى قمة الذات..فأبحث فيها عن وهج عينين..ليكون وطني الوحيد..وطن يملأه الدفء والأمان..رغم برودة الشتاء..

.
أصبحت لا أستشعر الحياة إلا في الشتاء..عندما يجبرني ببرودته على الاقتراب بحميمية من ذاتي بحثاً عن الدفء..هذا الفعل الذي أتجنبه طوال العام.. ويملي الشتاء علي أوامره..لأنصاع له كل عام في خضوع لم أجد له تفسيرا سوى إني..حتماً خُلقت..إمرأة شتويةً
.
مجرد شطحات عشتها هكذا..دون تعقل ..دون رقابة
-
Let the rain come down and wash away my tears
Let it fill my soul and drown my fears
.
.
لقراءة بقية الشطحات

11 comments:

حزيــــــــــــــــــن said...

من كام يوم انا كنت بكتب بوست عن الشتاء وبعدين مقدرتش اخلصه سبته درافت فى المدونة
معرفش اذا كنت قادر انه يطلع بالشكل دا ولا لأ
لكنى ادركت انك امرأه شتوية وانك تستمتعين بالشتاء

(صندوق الدنيا) said...

أتعلمين أختي
أشتاق إلى الشتاء لأنني أحن إلى حضن أمي............
يا الله
كم كان دافئا وكم كان يحتويني وأنا صغيرة...وحتى عندما كبرت كانت مجرد لمسة من كفها كافية لتدفيء كل جسدي
لا أدري لماذا تذكرتها الآن
ربما لندعوا لها بالرحمة
اللهم إغفر لأمي ولكلموتانا
شطحاتك أخذتني بعيدا أختي
أسأل الله أن يجعلك في معيته

Anonymous said...

انـا ايضـاً من عُشاق فصل الشتاء
فالجو رائع فيه بكل المقاييس
وكتبت بوست عن الشتاء قريب بردوا :D

syzef said...

أولا لا أدري كيف أشكركِ علي اهتمامك بلينك المنشاوي..ولكني كنت قد وصلت اليه واستمعته ولا أظنه لينك لقراءة الاذاعة


فاصل عريض جدا جدا لنبدا حديثنا عن تدوينتك الشيقة جدا
لمتابعة الشطحات كاملة قرات الخمس شطحات وبالترتيب لاجد رابطا بينهم ولاستيعاب الامر كاملا..في الحقيقة لفت انتباهي رابطا هاما جدا بينهن وهو محاولة البحث عن الذات في اشياء قد تبدو للجميع بسيطة ساذجة لكنها بداخلها لا تحمل سوي ذااتك انتِ وفعلها لايمثل سوي التحافا وتدثرا بذاتك انتِ فقط رافضة اي تطفل خارجي او تدخل احمق كما سميتيه احيانا الا بقوانينك انتِ وشروطك انتِ كما اوضحتِ في التدوينتين الثالث’ اعتقد التي تخص الخيمة والاخيرةالتي تخص الشتاء

وأري في الحقيقة أن تلكم التدوينيتين كانت أعلي السلسلة لأنهما تعرضا بشكل يكاد يكون لم يلحظه أحد في تعليقات التدوينة الثالثة أو لم يتلتفتوا اليه كثيرا وهو بحثك عن خيمتك الجديدة ..بحثك عن العمود الذي يستحق أن يكون عمودا للخيمة وأساسسها..وتنويهك الذي أختفي بشكل أو بآخر عن كل شئ زوجين كنتِ تصطحبينه بداخل خيمتك/حياتك /كونك الخاص/مستقبلك الذي تأسس لا شعوريا داخل الطفلة/المرأة

ثم في حركة تصاعدية للسلسلة دخلتي في حيرة المرجيحة..وتعبيرك عن الحيرة كان تعبيرا عاما الا اننا لو ربطنا بين التدوينات الخمس حتي لو في تفكيرك اللاوعيي لوجدنا رابطا بين الحيرة التي كانت تطاردك وعرضك الشيق لاحتمالات الحيرة هل ضعفا تكون أم قوة..وبين السؤال الذي طرحتيه في نهاية تدوينتك الثالة عن عمود الخيمة ومن يستحق أن يحمل الخيمة ويؤسسها

ثم بحركة تصاعدية أخري تنتقلين بنا الي التدثر من جديد بذاتك الوحدوية والتلحف بها هي من برد الشتاء الذي تتعاملين معه بأسلوبك الخاص البعيد عن نظرة الجيميع للشتاء تقليديا فلا نجده عندك شيئا يُهرب منه بل نجده شيئا يـُسعي اليه..لا نجده شيئا سلبيا في حياتك ولكنه ايجابيا لابعد حد يغسل روحك وينميها ويخلق منك انسانا يحاول الالتئام مع متناقضاته ويحاول انسجاما بينها وبين ابعاده الجسدية..لكنه في النهاية يعطينا نتيجة واحدة وقرارا واحدا أن شتاءك شتاءا وحدويا يتعامل مع ذات لا توحد مع اي شئ خارجها سوي ذاتها بل هي ترفض ذاك التدخل الخارجي وتصفه بالاحمق..شتاءا وجد روحا تستوعب برده وترحب بها وهي تنظر من نافذتها بقدميها العاريتين ولا ترقب أحدا من خلف الزجاج سوي داخلها الذي تبحث عن التئامه الذاتي فقط

التدوينة الاولي في الشطحات كانت مجرد تعبير عن الذات التي ترفض تقليدية وقولبة الاشياء فجاءت رفضا لاستاتيكية الشتاء بالتهام الايس كريم ثم تاتي الثانية بالتعبير عن الشخصية الناضجة الكبيرة بشراب القهوة التركي ثم احتياج تلك الفتاة الناضجة لعمود خميتها المستقبلي في استدعاء للذاكرة لخيمة الطفلة الواعية جدا لاحتياجاتها منذ الطفولة ثم الوقوع في شرَك الحيرة والبحث الدائب عن كنه الحيرة ثم المصالحة التامة مع الذات الداخلية العميقة جدا ورفض أي مؤثر خارجي كان أو رفض اي آخر يحاول اختراق حاجز ذاتك التي حصنتيه بارتدائك ثوبك الكثيف وضم ذراعيك كي تلفك جيدا علّ أي آخر لا يجد منفذا ولا طريق


أطلت جدا جدا لكني بصراحة شديدةاستمتعت بسلسللتك جدا ورأيت أن أقواهن كانت الثالة والأخيرة وهما اللتين لعبتا علي الوتر الحقيقي الذي يمسك بذمام السللة كلها ..وكان فيهما عمقا حقيقيا ورأيا خاصا ذاتيا


في النهاية أنا ممن يعشقون الشتاء وأجد زهزا كبيرا حين أجد أمثالي حقيقة وكنت ممن يتهمون دائما بذاك الحب وكنت أعلنه بمنتهي الزهو

تحياتي وأأسف حقيقة للاطالة ولكن اعتبريه تعليقا علي الخمس تدوينات

syzef said...

توضيح لابد منه
قراءتي للنصوص قراءة خاصة جدا قد تصيب وقد تخطئ..ولو كانت تحمل اسقاطات شخصية فهي كانت محاولة لقراءة النص بجدية لا أكثر
هناك جملة ختمتِ بها النص تحمل دليلا قاطعا علي رفضك سوي الالتحاف والجوء لذاتك العميقة وهي جملة ون تعقل ..دون رقابة..فالعقل هو الرقيب الداخلي والرقابة هي الرقابة الخارجية وتصريحك برفضهما يؤكد أنك لا تريدين سوي انغماسا أكثر بذاتك بعيدا عن أي رقيب

بقي أخيرا أن أسجل ملحوظة فنية في النصوص وهي لغتك التي تكتبين بها..فلاحظت خلال السلسلة أن لغتك التي كان يصيبها بعض التقعر والتكلف أحيانا أصبحت لحد كبير لغة معبرة سلسة تبعد عن التقعر والاستخدام المعجيمي الذي لا يخدم النصوص

تحياتي

Anonymous said...

لا أعتقد ان هناك ما يقال بعد ما كتبه Syzef فقد قام بتحليل شامل كامل لكل شطحاتك. استخدامك لكلمات ذات ثقل زاد من جمال وروعة أسلوب الكتابة.
أرجو أن يجتاح الشتاء قلبك ليدفئه كما يجتاح كيانك ليجبرك على الاقتراب من ذاتك.
على الهامش: أقف علي البلاطات الباردة الغير مغطاة..
(غير) بدون "ال"

يا مراكبي said...

إممممم

هو مش الشتاء تحديدا اللي بيحرك الأحاسيس دي جوه الإنسان

هو في الحيقة المطر

والبديل له في الصيف هو موج البحر في المصيف

قلب شاعره said...

اولا انتى لفتى نطرى لسورة طه وللآيه الكريمه الى انت زكرتيها واصطنعتك لنفسى .. ممم ايه تدعو للتفكر العميق .. انت فيلسوفه اقدر اقول عليكى فيلسوفه وانا نادرا لما اقول الوصف ده على حد ...
اما بالنسبه للشتاء فأنت محلله نفسيه فعلا انت وصفتى الشتاء واحساسك بيه بشكل ما شاء الله .. ملوش وصف ..
وخاصة لما بتدورى على الدفء داخل نفسك وده مش بيحصل فى باقى فصول السنه ...
تحياتى الى أجمل أمرأه شتويه قريت كلمها فى حياتى ....

Ahmad Hegab said...

رائعه هى كلماتك

اذا انسجمت تناقضاتك و اختلافاتك فلن تكونى انتى

تحياتى

Anonymous said...

هذه زيارتى الاولى
اولا اود أن ابدى اعجابى بهذه المدونة الجميلة فى الاسم والمضمون
ثانيا كلمات جميلة فعلا كلنا يحتاج الى دفىْ القلوب فبل دفىْ الجسد

واصطنعتك لنفسي said...

حزين

مش مهم يكتمل البوست.. المهم أن يحمل بصمتك كيفما كانت

في انتظار تدوينتك غير المكتملة عن الشتاء
****

(أم البنين)

وأحاسيسك أخذتني لحضن أبي
كان لي مأوى

رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات
****
mutation

well.. Join z club..of winter fans
***

سيزيف

حقيقة.. لا أدري هل تعمدت أن تكشفني بتعليقك أمام قراء المدونة.. أم أمام نفسي.. أم تعلن بزهو قدرتك على فهم ما وراء كلماتي؟؟.. ومازلت حتى الآن لا أدري

تعليقك ثري لأقصى الحدود.. قرأته مرات عدة.. ومازلت أدخل وأقرأة لعلي أفهم ما يتسلل من شخصيتي للآخرين عبر كلماتي

هي قراءة خاصة كما ذكرت للتدوينات.. أترك للجميع الحكم عليها في مدي اقترابها أو ابتعادها عن ذاتي -كما يرونها-.. ولكني حتماً استمتعت بقراءتها

أعترف أن أقرب الشطحات لنفسي كان الاول.. لإنه جسدني بعفوية شديدة وبدون اي مشاعر مصطنعة.. كتبته وأنا ألتهم أيس كريم مثلج جداً في أقسى الليالي برودة في الشتاء الماضي.. فكان تجسيد صادق جداً للقطة من حياتي.. وعجباً لم أصاب ليلتها بالبرد

أرجوك لا تعتذر على الإطالة.. أنا التي يجب أن اشكرك على هذه الرؤية النقدية المتفحصة جداً للكتابات

أقدر المجهود والوقت والاهتمام الذي أفردته لكتابة هذا التعليق
شكراً جزيلاً لك
***
منى

يا سلام.. نشيل الألف والام والبوست كله وننفي صاحبته كمان لو تحبي
أنتي بس تأمري

***
يا مراكبي

أنا الشتاء يحرك في كل شيء.. حتى بدون مطر

وصدقني رغم عشقي لأمواج البحر..إلا إنه لا شيئ يضاهي الوقوف ليلاً وسط هواء مثلج في الظلام.. بعيداً عن أي كتل أسمنية.. أو تكدسات بشرية
***
قلب شاعرة

كلماتك تحمل مديح لا أستحقه مطلقاً.. أشكرك بشدة لزيارتك ولتعليقك ولتفاعلك مع المدونة والتدوينة

***
ahmed_ H

ومن قال إن "الأنا" الحالية تعجبني!!.. ولهذا ابحث عن قليل من الانسجام .. لعلها
***

الحب كما يجب أن يكون

وأنا شرفت بأول زيارة لحضرتك وبأول تعليق وتفاعل وأتمنى ألا تكون الأخيرة

إيمان