Friday, September 17, 2010

مودة ورحمة.. إن في ذلك لآيات


وكان فضــــل الله علينا عظيما
أكتب في شغف وأمسح ما كتبت
حقاً تعجز كل الكلمات أن تصف ما بداخلي الآن
فقط أدعوكم بصدق جداً لحضور
عقد القرآن وزفافنا
مصطفى وإيمان
أو كما تقول مدوناتنا
بصمة وجدان * واصطنعتك لنفسي
إن شاء الله
يوم الجمعة القادم 24 سبتمبر
دار الأرقم (95 شارع أحمد الصاوي من مكرم عبيد) - قاعة الصفا
بعد صلاة العصر من الساعة 5-7
لن تكتمل فرحتنا بحق إلا بحضوركم جميعا

أسالكم الدعاء لنا
بأن يؤلف الله بين قلوبنا
ويجمع ذات بيننا
ويرزقنا ذرية صالحة يرضى الله عنها
وألا ينزغ بيننا الشيطان أبدا
***
قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون

Wednesday, August 18, 2010

لحظات براح

أكتشف نفسي في ممرات الحياة كلما انعطفت في إحدى دهاليزها.. أتامل وأتعلم.. وأتعثر في بعض الأحيان

وأكتشف نفسي في قلوب من حولي.. مما أراه في أعينهم وفي تعاملاتهم معي

ويكتشفني من تتلاقى أرواحنا بعذوبة.. يكتشفون متى يخبو الضياء بداخلى ومتى تحط الفراشات كسلى ساهمة

aمتى تصاب الطفلة داخلي بالخمول وتستفيق قسراً الانثى الملتفة برداء من تعقل وهدوء

ويعلمون من إلتفاتة لعيناي متى يعييني التكدس

متى فتحت أبوابي للتكدس ينتشر بداخلي

فيعييني.. ويضيق صدري بتفاصيله ويسرق مني الأطياف التي تلهو بداخل الروح

يعييني تكدس الأفكار في عقلى.. تكدس أحاسيس لم يكتب لها أذن البوح بعد.. تكدس آثار العابرون من حولي.. تكدس أحلام مؤجلة.. تكدس ذنوب مكومة.. تكدس الاحتياجات غير المعلنة.. تكدس هموم مشتركة

وأخطيء في حق نفسي عندما أسهو عن القلب فتخرج منه تتسرب لحظات البراح
aالبراح عندما أتصل بالسماء دون انقطاع.. وصل له خدر لذيذ
لحظة براح.. كوقفة على حافة النيل وآذان المغرب قد شق الآفاق والليل يحبو وليداً والشمس تتثاقل أجفانها يغلبها النعاس
وأنا أمام صفحة المياه يتطهر قلبي من كل ما علق به من الحياة
واشعر ببراح بداخلي يتسع باتساع السماء وزرقة الماء
براح لا نهائي يغسلني.. يداويني
براح أشبه.. بصوته
.
ولحظة براح
اجلس متربعة في صحن المسجد تتصل كل أوصالي ببرودة الأرضيةالبيضاء النورانية الامعة كأنها مرمر
وقطع الخسب الفاصلة المعشوقة تشع بالدفء حولي
كأنها تضمنا أرواحاً مؤلفة قلوبهم متلاقين
واتذكر القرآن.. والإسلام.. والنور
أسرح بعيني بعيدا بعيدا مع الطيور السارحة إلى الجنة
وأحس بالبراح
براح بقلبٍ معي يحسه ويقرأه في لمعة نظراتي
براح يذيب تمرد النفس وقسوة الاغتراب
براح برائحة المسك والتوابل الأزهرية
براح بعمق التاريخ وامتداد جذوره
.
ولحظة براح
تثيرني بيدهاالصغيرة وأناملها الرقيقة
أمسك أناملها وأدغدغها بأسناني في لهو وتضحك هي ضحكات بريئة
تجذبني بيديها الصغيرة وتحتضنني فجأة وتربت بأناملها على كتفي
وتهمس لي حبيكي حبيكي
فأفهم أنها تقول لي.. أحبك
فأضمها انا وأنظر لعينها
واغرق في البراح
براح الأحاسيس العذبة البريئة
براح العذوبة والدفء
براح الطفولة والمشاعر غير المقيدة الطليقة
براح بطعم طفولتي ودفء النوم على راحة كف أبي كل يوم.. بعد الظهيرة
.
ولحظة براح
حينما أمنى نفسي أنني سأسافر إليها "معه" قريباً
ولا يسع تخيلي تصور أحاسيسي عندما أراها لأول مرة
الكعبة
بيت الله الحرام بكل هذا البهاء والخشوع والسكون حوله
ولا شيء يتردد في الآفاق سوى الله
الله الله الله
لا معبود سواه ولا خالق إلاه
الله الله الله
سينبض بها بصدق القلب والوجدان
الله الله الله
ويمر شريط الذاكرة بكل الذكريات
كل مسجد سجدت فيه.. وكل موضع سبحت فيه
وكل دمعة سقطت خشية من ذنوب أرهقتني اقترفتها
وكل رمضان
وكل صحبات الخير
وكل صويحبات الخير
وكل "أحبك في الله" رددتها بصدق وخجل
لقلب مؤمنة مس قلبي
وأول الركعات لنا سويا
واول قرآن نقرأه سويا
وأول قرآن أقرأه عليه سويا
وأشعر حينها بالبراح
فأجد نفسي أسقط ساجدة لا أستوعب ما بداخلي
ويتسع البراح بداخلي حتى أظنه لا يضيق صدري بعدها في الحياة ابدا ابدا
براح بطعم الجنة
لحظات براح محفورة في الذاكرة
مع الرفاق والأهل والسماء والأرض والكون وكل المخلوقات
مع نفسي ومع افكاري ومع احاسيسي
مع كل شيء يمكنني أن أستمد منه براااحاً.. يزيح بداخلي تكدس الحياة
فهلا محوت كل التكدس داخلك
وافسحت بداخلك كل حيز.. للبراح
حتى لا يغادرك الضياء أبدا
....

ريشة ويّا ريشة
يكمل الجناح
والله أحلى عيشة
عيشة البراح
قشّة جنب قشّة تبقى أحلى عشّة
لا الغصون قليلة أو دروبنا حايشة
واحنا كنا ذوبنا من الحنان قلوبنا
لا اشتكينا من تعبنا أو من الجراح


Tuesday, July 13, 2010

صوت للسماء

جل المنادي..ينادي
يا عبادي أنا ماحي الذنوب و الأوذار
الهي
بنورك اهتدينا..و بفضلك استعنا
وبك أصبحنا و أمسينا
بين يديك نستغفرك
يا الله..يا غفار..يا تواب..يا رحيم


لطالما تساءلت عن سر هذه الرجفة التي تعتريني عندما أسمع صوته..الذي للمفارقة الشديدة ليس قوي و ينبض بالعزة كصوت الحصري و لا عذب كصوت المنشاوي..ولا ملائكي كعبد الباسط.. و لكنني أستسلم تماما عندما أسمعه يناجيه قائلا

ربي..الهي..دموع العين جارية و القلب تحرقه في أضلعه النار..إن ضل
قلبي فقلبي أنت تعرفه
أو كان ذنبي عظيماً..أنت غفار
..
إنها ابتهالات نصر الدين طوبار

هذا العشق الذي لا يشاركني فيه كثيرون..أو بمعني اخر..الذي يسخر مني بسببه الكثيرون
إنها تمدني بلذة و سعادة غريبتين
كثيرا ما سألت نفسي لماذا؟ هل لاني تعودت سماعها في إذاعة القران الكريم التي تحرص أمي علي تشغيلها كل صباح و أغلب الاوقات؟؟..اذا فلم لا يحبها أخوتي؟؟..بل و يتضايقون جدا جدا لسماعها..
ام لاني أحسب ان ابي كان يحبها..و أنا أحب كل شيء أحبه هذا الرجل..
يا مؤنسي في وحدتي..يا منقذي في شدتي
يا سامعا لندائي
فإذا دجي ليلي وطال ظلامه
ناديت يارب فكنت ضيائي



إنني اسمعه الان و أنا أكتب هذه الكلمات
لا أمَل ابدا من سماع هذه الابتهالات و كأنها أول مرة
..و لن أمل من الكلام عن حبي لهذه الابتهالات
سبحان الله..ما هذا الحب الذي قذفه لله في قلبي لهذا الصوت

عندما وجدت هذه الابتهالات في موقع متواضع..طرت فرحا و جلست ابكي من السعادة..إنها كنزي أنا
ملكي أنا..لا يشاركني فيه أحدا تقريبا..مما يؤلمني كثيرا
في جزء يخترقني جدا يقول فيه

مسبحاً بك..مملوء بحبك
مشغوف بقربك..مشغول بنجواك
راضٍ بما أنت ترضاه
و متخذا إليك منك طريقاً من عطاياك

إنه يشعرني بإسلامي..بضعفي و احتياجي للاستسلام..و للاستكانة
أشعر اني ارتفع مع صوته و أصل الي السماء لاناجي ربي..

مجيب السائلين..حملت ذنبي..و سرت علي الطريق الي حماك
و رحت أدق بابك مستجيراً..و معتذراً.. و منتظراً رضاك
دعوتك يا مفرج كل كرب..و لست ترد مكروبا دعاك
و تبت اليك توبة من تراه غريقا في الدموع..غريقاً في الدموع
غريقاً في الدموع ..و لا يراك


هذه الافكار لا يتأملها الكثيرون..صدقوني

حين يهدي الصبح إشراق سناه
يسكب الطل رحيقاً من نداه
موقظاً بالنور أجفان الحياة
الضحي من نور من؟
والندي من فيض من؟

سبحت لله في العيش الطيور..ترسل الانغام عطراً في الزهور
تصنع العش..وتسعي في البكور

عيشها في رزق من؟
و هي ايضا صنع من؟
الله
الله
الله

لا أستطيع أن أمنع نفسي كلما سمعتها أن أردد
الله ..مع كل تساؤل أقول الله
و لكنها تخرج من أغوار قلبي..صادقة..و بإبتسامة
ربما لبساطة السؤال مع تجلي الخالق
بالله عليك هل سمعت مثل تشبيه موقظاً بالنور أجفان الحياة

كم تمنيت أن أجلس مع أحد نسمعه سويا و يشعر بما أشعر به و هو يقول

يا اله العالمين..حنيني دائم
و القلب شاكٍ عليل
سال دمعي يا إلهي..و لولا غربتي ما كان دمعي يسيل
و إذا ضاقت فنجوي دعائي
حسبي الله..حسبي الله و نعم الوكيل

و عندما تهب هذه النفحات الصوفية أشعر بتحرري من نفسي
و تنهار كل أقنعتي..و أرتفع..أرتفع

رباه.. ها أنا ذا خلصت من الهوي ..و أستقبل القلب الخالي هواك
و تركت أنسي بالحياة و لهوها..و لقيت كل الأنس في نجواك
و نسيت حبي..و أعتزلت أحبتي..و نسيت نفسي..خوف أن أنساك

ذقت الهوي مراً..و لم أذق الهوي يا ربي حلواً قبل أن أهواك
يا غافر الذنب العظيم..و قابل التوب
قلب تائب ناجاك..قلب تائب ناداك


http://quran.maktoob.com/duaa.php
......
تدوينة فديمة نشرتها منذ نحو العامان
كانت أول تمرد لي على نشر افكاري وشيء من لقطاتي الخاصة على الملأ
وانتابني اليوم شعور كان أقرب ما يكون وقت كتابة هذه التدوينة
أعيد نشرها في محاولة مني أن اتشبث بتلك اللحظات لعلها تخلد في الزمان
لكم اخشي أن تنفلت من قلبي هذه اللحظات عقابا لي على تقصيري في حق ربي
وما أشد التقصير
يارب.. أنت المستعان
بلغني رمضان وانت راض عني
آمين
...

Saturday, May 15, 2010

مــذاق الارض


أتمدد على الأرض .. أشعر بفقرات ظهري تأن بتأوه متقطع تشكوني طول جلوسي بوضع مؤلم
أتذكر كلمات أمي عندما تطل برأسها من باب غرفتي تدعوني لتغيير وضعية جلوسي من وقت لآخر حتى لا أتعب ومشاركتها بعض الطعام أو الفاكهة وأتعجب من اصرارها على تكرار دعوتها لي يوميا برغم ردي المعتاد بالابتسام لها وجوابها بأني كنت بالفعل على وشك القيام وكالعادة لا اصدق في قولي ويسرقني مزيد من الوقت
.
أفرد ذراعي بامتدادهما بجواري.. أنا أحب الأرض كل أرض وبقدر حبي للأرض أعشق تأمل السماء
كل من يعرفني لابد وأن رآني يوماً أرفع رأسي عالياً منهمكة في تأمل طويل للسماء ابثها حنيناً خفي.. حنين بلا حد كثيراً ما كان يؤلمني.. لا أعرف له أسباب وكأنه جزء من تركيب روحي
.
أحب الارض بكل أشكالها.. وأشعر بأن التحامي بها يكسبني توهج ويعيد لي روحي التي تتسرب من بين أصابعي في الحياة.. هو أشبه بمداوة ومعالجة لكل تلك الخدوش التي تصيب جدار الروح
أقاوم بكل شدة أن أنسلخ من اراضي كل الأماكن المحببة لقلبي.. أذكر أني لم أكن لأترك تجربة التحامي بكل أرض أحمل لها حنيناً مرة على الأقل ولا ينزعني منها سوى الحاح من حولي وتلك النظرات المتعجبة من رغبتي بالاستلقاء على أرض
.
ربما أستمد من التحامي بالأرض بعض من صلابتها وثباتها الذي كثيراً ما أحتاجه للمضي في الطريق.. صلابة أحتاجها للوصول لحلم وهدف لن أسمح للوهن أن يسلبه مني
أفرد قدماي فاحس ببقايا الوجع يتسلل خارج خلاياي ويبدأ جسدي في السكون والاسترخاء واسمع صوت دقات قلبي وأنفاسي تنتظم
أتراني أحن لأصل تكويني..الطين.. أترى خلاياي تشتاق لبداية خلقها.. أم تشتاق لفطرة نقية ولدت بها أتركها تتلوث كل يوم بالحياة
.
اصبح أكثر ما يعيد لي الرونق هو مذاق تلك الأرض الطينية الخضراء عندما أتمدد عليها فتملأ رائحة الخضرة الندية والطين الندى صدري ويعلق بيدي بقايا من طينها.. في تلك اللحظة فقط لا أخشى أن يصيبني أي حشرات وتذهب عني تلك الفوبيا العجيبة التي تجعلني أصاب الهلع من لمس ذبابة ليدي واقتراب أي حشرة مني.. كم أنا مجنونة حقاً كما يشاكسني "هو" دوماً
.
أغمض عيناي واستعيد تلك اللذة التي يمنحنيها مذاق الأرض.. يبعث في نشوة رؤية السماء باتساعها والأفق.. وسكينة الالتحام مع الأرض الندية
يبقى إستلاقي على أرض المطبخ إحدى اسراري التي لا أعرف لها مبرراً.. لا تعلم أمي أنني أعشق صلاة ركعتي الضحى في المطبخ.. ربما يستوهيني السجود في مكان جديدة كل مرة.. غير متوقع
ويظل حلم حياتي أن أبيت ليلة كاملة على أرض مسجد.. ليلة كاملة أكون فيها هناك وحدي.. لتمنحني زاداً يكفيني كل الحياة.. في مسجد ذو نوافذ خشبية مفتوحة على الأفق.. مسجد قديم غير مزخرف بألوان ولا يتغير سجاده كل عام.. ولا تمتلأ كل زواياه كولديرات المياه الحديثة
.
أتذكر أني برغم كل ذكريات الالتحام بالارض الطويلة هذه إلا أنني لم أجرب الاستلقاء على أرض رملية من قبل.. ربما لشعوري بقسوتها وتفرقها.. أو إنني لم أجد فرصة للاختلاء بنفسي على شاطيء رملي بعيداً عن أعين الناس.. أو ربما لأنني كنت أتضايق وانا طفلة من دخول الرمل في شعري عندما نكون على الشاطيء.. مزعج هو الرمل أحيانا
مزعج لأني تعودت أن أمشي عليه طويلاً.. وحيدة
.
اسمع خطوات أمي الحنونة تقترب.. فاضطر أن أهب واقفة بسرعة وأعبث بالملعقة في كوب القهوة الذي دخلت في الأصل لأعده حتى لا تراني ممدة ويصيبها فزع ككل مرة تراني ممدة على الارض لأنها تخالني قد مت أو اصابني سوء ما.. ولأتجنب أن تعاتبني عيناها كل مرة من شدة خوفها وتسالني: نايمة ليه على الارض كده يا أنّه؟؟
___________________
لو أني أملك لو بيدي
أن أقتلِعَ جذورَ البُغضْ
أن أُقصي قابيلَ الثعلبْ
أن أغسل بالماء الصافي
إخْوة يوسفْ
وأطهّرُ أعماق الإخوة
من دنسِ الشرْ
***
لو بيدي
أن أمسح عن هذه الأرض
بصمات الفقرْ
وأحرّرها من أسْر القهرْ
أن أجتثّ شروش الظلمْ
وأجفّف من هذه الارض
أنهار الدمْ
***
لو أني أملك لو بيدي
أن أرفع للإنسان المتعبْ
في درب الحيرة والأحزان ْ
قنديل رخاء واطمئنانْ
أن أمنحه العيش الآمِنْ
فيصير الحب هو الأرض
ويصير الحب هو الدرب
(الابيات لفدوى طوقان)

Thursday, May 6, 2010

عنه وعنها أتحدث.. ماسر هذه الروح؟

كان كثيراً ما يدهشني أن يمسك أحدهم بزجاجة ماء في نهار شمس حارقة ويتجرعها سريعا ولا يرتوي ابدا فيعيد الكرة والكرة ويظل يشكو طول الطريق من القيظ والظمأ.. وآخر تراه وقد ضم شربة بين كفين ممدودين له فيرتوي ظمأ أيام طوال.. فكنت اساءل نفسي كثيراً أو ليس كله ماء؟؟ أو ليس كل الماء يروى العطش؟؟
.
وعندما كنت أرى شخصاً يتدثر بمعاطف ثقيلة.. ضخمة.. ولعلها باهظة الثمن ويشكو من أن صقيعاً يغزو جسده.. ويعاني من أن البرد يجمد أطرافه.. وألمح في نفس الطريق على الجهة المقابلة آخر يمر وقد اكتفي بكوفية من صوف يبدو عليها آثار خطوات الحياة.. فأراه يسدل طرف على صدره لتمس قلبه وطرف آخر يلتف على رقبته ليدفيء دمه.. يسير و قد ظهر على وجهه نعيم خفي وكأن البرد لا يعرف إليه مدخلاً.. فكنت أساءل نفسي أو ليست كل المعاطف على الدفء قادرة؟
.
أين يكمن السر وماهو مفتاح اللغز؟
فالأمر لا يتعلق هنا فقط بشعور من الرضا يجعل الإنسان يرضى بحال ما فيلقى الله عليه من رضاه.. إنما هو شيء ما داخل النفس كامن بها لم تحاول النفس أن تتحلى به ولكن قد من الله عليها
ووجدت حواء اشبه ما تكون بشربة الماء هذه والمعطف

من بين الافكار التي تطورت مؤخراً في عقلي أو لعلها مسها بعض النضج هي النظرة لتقييم الأنثى والرجل على حد سواء ولكن كل بما يناسب تكوين روحه
.
وبحثت حولي كثيراً في كل حواء النساء حولي.. أين تكمن جوهرة قلبها.. ما هي ذلك الشيء الذي يجعلها لا تقدر بثمن ولا يمكن وصفها ووجدته تمثل لي في.. الدفء.
فاذا وجد الدفء في الأنثى فاض بداخلها كل شيء.. وثقل ميزان الأنثى ليطيش بجانبه أي شيء
.
والأعجب في دفء حواء أنها لو تحمله بداخلها فإنك تراه وتمسه في جميع أعمارها صغرت أو كبرت وعلاقاتها.. بعدت أو قربت
تجده في طفلة تحمل بداخلها دفء يشع من أعينها فيرتمي الأب في حضن ابنته ويضمها فتربت بأنامل ضئيلة كجناحات الفراشات تبثه دفئاً وحنانا
.
وفي شابة لو تواجدت مع عجوز أخدت بأيديها تحنو عليها وإذا رأت مريضا كانت له مصدر بهجة وأمل.. وإذا كانت مع صديقاتها كانت هي الدعم ونقطة الاتزان لهن.. فأينما تخطو تشيع دفئاً كالدفء الذي يبعثه رؤية الشمس في الأفق
.
وفي زوجة هي لزوجها.. وطن
.
وفي أم ينبع الدفء في كل شيء تصنعه بأيديها من أجل أطفالها وبيتها.. وكأنه يندس في كل ما تلمسه يداها وحولها
.
إذا كان في حواء دفء فلن يخطيء قلبك ابداً عن استشعاره في كل خلجاتها
..
السيدة خديجة جاءها النبي صلي الله عليه وسلم يرجف فؤاده ويقول لها: زملوني زملوني.. فكانت له فيضان دفء وسند حتى ذهب عنه الروع
وتوفى النبي بين صدر ونحر السيدة عائشة بعد أن لينت له السواك بريقها.. فكان أخر ما دخل جوفه صلى الله عليه وسلم.. إنه الدفء
.
الدفء هو جوهرة حواء التي يبحث عنها آدم
يا رجل.. ابحث عن الدفء في حواء فإن القلب الذي سكنه الدفء إنما هو انعكاس لنور الدين والحياء والإيمان فيه
وإن الجسد الذي يشع منه الدفء إنما مسته نفحات من الجمال والإشراق كامنة فيه
أنت تحتاج لحواء دافئة لتذيب ثلج حياتك الشاقة
فإن حواء دون دفء كقطعة حلوى نزعوا منها السكر.. وكشربة ماء ساخنة في نهار ظاميء
..
وأنت أيتها الزهرة الدافئة لا تسمحي للحياة القاسية أن تصبغك بمذاق عملي قاسي ينزع من بين جناباتك الدفء فهو أروع ما فيكي
لا تتعمدي أن تظهري بشخصية حادة قوية تواجهين بها قسوة الأشياء حولك، فقط اجعليها رداء مؤقت جدا تواجهين به الأشياء ثم انزعيه عنك في لحظتها.. لا تنسيه عليك فيصبح جزءاً منك ..فتتركي الايام تسلبك الاستمتاع بنثر دفئك بين الناس
قفى كل ليلة لحظات تأملي فيها الدفء الذي تبعثه تلك السحب البيضاء الحنونة في السماء الحالكة.. تعانق أشعة شمس الصباح لتأخدنا مثلك من دفء ليل إلى إشراقة صباح
.
فليست كل النساء إناثا،، وليست كل المعاطف على الدفء قادرة
....
عصفوريــــــن بيلقطوا ورق الشجر
وبيبنوا عش
شىء مؤكد ماكنش فيه بينهم خداع
وماكنش غش
الوطن .. راحة القلوب
لو مبني طوب
أو مبني قش
..
وللحديث بقية للحديث عن سر روحه "هو" ه
.
لمتابعة بقية تدوينات عنه وعنها أتحدث

Saturday, May 1, 2010

عن الحياة

من اروع التدوينات التي قرأتها
لا تفوتك قراءتها

Wednesday, April 28, 2010

ومضة ...


تتراءي أحيانا له الحياة كومضات.. ومضة ضوء تبزغ دون مقدمات في العقل فتنير مساحات ما ولقطات طالتها آفة النسيان أو الهجران.. ومضة تتسلل كروح خفية تعيد بث دماء جديدة في عروقه.. بعضها يحمل لحظات توهج لكل كيانه.. ومضة تعيد إلى ركود أطرافه دماء حركة وسريان فتجعل من النفس نبع تنشق منه حيوات مختلفة وتنطبع على جنباته.. وتحمل في مكنونها.. نور يكمن في ومضة
يا سالكين إليه الدرب لا تقفوا
.
يسير في الطريق يحمل عقله بركان من الأفكار التي تحتاج إلى ترتيب.. يذهب ببصره يميناً فيلمح وجوهاً نضرة يعلوها ضياء قد هرعت لتلبى نداء لصوت حاني من عجب يسمعه من بعيد يدعوه لسجود في ظل رحيب بارد بين يدي الملك.. وجوهاً تركت عنها ترددها وحيرتها واستسلمت في حب للنداء وتركت كل شيء في الحياة خلفها.. وتتبعت النور

طاب الوصول لمحروم تمناه
.
يراها تعبر الطريق تخفض رأسها على استحياء يعلوها رداء عفة يحفظ عقلها قبل جسدها.. يكاد يرى نقاء فطرتها ينير موضع قدمها أينما ذهبت.. يمر بجوارها فيستتشعر قلباً ليناً يتفطر من الحنين ولكن يأبى إلا الصفاء والنور بداخله.. تنير وجهها سكينة كأنها ترى الجنة أمامها ماثلة ويحملها ملائكة.. بل يكاد يرى غيرة الحور العين من قدرها.. في كل لمحة لها ضياء لنور تتبعته..
رحماك ..لا تحرم عبادك من رضاك وأمنحهم ما أنت ترضاه
.
يخطو إلى موضع سجوده.. ها هنا أعتاد أن يقف أمام النافذة يناجي ربه ويدعوه أن يمنحه رضاه وستره.. كان دوماً يسأله اياهما فقط.. يتردد صدى آيات يحفظها جيداً من طوال ترديده لهما في صلاة المغرب ويتذكر تلك اللحظات.. فيها فقط يتبدل ويتغير ويستسلم لنور تتبعه أن يغشاه من كل مكان
يا رب .. هيأ لنا من أمرنا رشدا
.
يدخل غرفته ويغلق بابها ويفتح شغاف قلبه يبحث عن النور.. يقع ببصره الدامع على سبحة أضاءت له .. أمسك بها بأنامل مرتعشة مترددة في الرجوع كم يبدو شاق فيلمح آثار دمع مر على تلك الحبات فكانت له مأوى ونجاة.. ها هو مصحفه بغلافه المزين لايزال يحتفظ ببقايا مسك كان يعطره به كل فجر..
يهدي إلى الحق من ضلوا .. ومن تابوا
.
إنه النور حين يبزغ بهالته الرقراقة فيجتاح كل ما حوله.. فلا تملك القلوب سوى أن تتجه إليه بكل قوتها وأملها لتشرق الشمس على جدرها التي اشتاقت للضياء
إنه النور حينما يشرق في قلب يلقى كل من يمر به شحنة من سواد ويأس محطم.. فتجده وهو يستمتع بنشر زخاته بين قلوب الحيارى حولهم فيتبعونه على هداه ويصبح لهم مثوى ونجاة
إنه النور حينما تشق خيوط الصبح ليل قلب ساهر يتأمل في الحياة.. يصبر على عقل وجسد يجره خلف شهوات تفتك به.. فتنعكس أشعة الصباح على آيات في صفحة في مصحف يكمن بجوار قلبه
إنه النور حينما تقودنا عقولنا لفهم رسالة ربانية جائتنا من السماء.. لترتفع أقدامنا عن الأرض وتنزع عنها ثوبها الطيني المثقل
إنه النور حين ترى الأفق حولك واسعاً برغم ضيق صدور من حولك.. وترى نفسك مقصراً على ثناء الآخرين حولك.. وترى المقصد في الطريق ماثلاُ وقد ملأ جانبي الطريق الحيارى

مسبح بك.. مملوء بحبك.. مشغول بقربك.. مشغوف بنجواك
ومتخداّ منك طريقاً من عطاياك
.
النور يبحث عنك بقدر بحثك أنت عنه.. فإذا ساد الظلام فاعلم أنك قد هجرت النور ونأيت بعيداً

إذا فقدت النور تفقد خطاه في كل شيء حولك وتتبع أثره أينما سار
لا تحجب النور عن عقلك.. واترك له مساحة فأنه يجاهد لكي يشق ويبزغ
لا تحجب النور عن قلبك.. مهد له الطريق وأزل منه أطلال وحطام كانت.. فإنه يشتاق ان ينير جدرانه
وعش متتبعاً الومضات
....
أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
...
اشتم رائحة رمضان في الأجواء
وفي نداءات الصلاة
اللهم بلغنا رمضان
الله بلغنا رمضان

Monday, April 12, 2010

بذرة.. ومن جديد أبدأ

ويتزايد صدى الصوت في داخل أجواء عقلي.. اكتبي هيا اكتبي
قومي الآن وافتحي صفحة بيضاء وخطي عليها بعضاً من تلك الافكار
لم تعتادي يوماً السكون الملبد بغيوم الركود
.
وأتهرب كل ليلة من أفكاري التي تطاردني وأقول لها غداً يوماً جديد وسأكتب.. وأنا أعلم أني قد لا أصدق في حديثي
كنت قد قررت منذ نحو العام ألا اكتب تدوينات تحمل شحنة سلبية على المدونة.. ربما لأني رأيت أنه ظلم كبير لي أن أنشر تلك الشحنة السلبية لتصبغ روح من يأتي ليقرأ ها هنا بشحنة من سواد تفرضها المشاعر التي تكمن وراء الكلمات
.
ولكنني ايضا ما عدت أستطيع أن أكتب فقط عن مشاعر رقراقة فياضة أو استعيد ذكريات المرح والسعادة طوال الوقت كما كنت أفعل
فأنا يا عقلي أشعر حينها بالسطحية
سطحية لإني أدرك أن أمتي تتجه نحو منحنى متأزم لا نعرف لنا خلالها طريقاً وسط رؤي رمادية
وأن إنتمائي لديني يفرض علي فروضاً وحقوقاً لست أوديها في حق المسلمين من حولي
فهل أستمر في الكتابة عن ذلك العالم الطفولي والفراشات التي أهرب وسطها حين يشتد السواد ممن حولي
أم تتحول المدونة لمحطة تفريغ لكل الشحنات السلبية التي قد أمتصها في طريق الحياة
.
يحكي ابن القيم عن ابن تيمية فيقول: "كنا إذا اشتد بنا الخوف وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض آتيناه، فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله وينقلب انشراحاً وطمأنينة
.
ولهذا فأنا أرفض بكل كياني أن تكون كلماتي تغييب لواقع لابد أن نتذكره ونذكره.. واقع يتشكل من الحاجة إلى نصرة المسلمين المستضعفين في الأرض بكل مظاهر الاستضعاف
.
واقع يتشكل بالحاجة إلى المساهمة في اصلاح مجتمعي وأمتي وقبلهما وأولهما نفسي وذاتي
واقع يعبر عن بعض المواقف والأزمات التي يواجهها كل منا في طريق حياته وكل تلك المواضيع التي تصطبغ دون قصد بمشاعر سلبية عند التطرق إليها

وأرفض ايضا أن تكون تلك المساحة التي أمتلكها وامتلك عبرها صوت لعله يترك أثراً ما في إحدى النفوس التي تخطو ها هنا أن تتحول لكلمات استعيد بها فقط بعضاً من الذكريات الجميلة والأحداث السعيدة والمشاعر النورانية
.
ولهذا فقد طال وامتد بي الصمت كثير من الوقت.. حتى كاد يصبح موت
فما السبيل يا عقلي.. ما السبيل حتى لا يصيبني الجمود؟ وتركد الافكار داخلي كمياه لا يقربها أحد
هل السبيل في العودة مرة أخرى إلى طريق الإصلاح
وفكرة الإصلاح دون الغوص في تحليل مفصل ومطول عن واقع سوداوي
وهل يمكن الوصول للإصلاح دون التعمق في التحليل الذي يصيب بالاحباط
هل الحل هو أن نقف على ذاك الصراط بين الواقع والخيال.. لنعيش في أرض الخيال لنستمتع بالحياة ولكننا في داخلنا نعلم وندرك واقعاً ملموساً حولنا ينتظر منا أن نعود له فنصلحه
أنستمد من كل تلك اللحظات الجميلة التي عشناها سابقاً قوة وطاقة تعيننا على نبذ السلبية والافكار القاتمة عن النفس
.
ربما هو السبيل
وأعلم يقيناً أنه سيتضح اكثر ويستبين كلما تقدمنا في الخطى
.
سأبدأ طريقي منذ البداية مرة اخرى
أخرج من دائرتي لأرى ذاتي.. كما بدأت معها منذ ثماني سنوات
وابدأ معها في تنمية كل شيء حولي لأستمتع بلذة البدء من جديد
قطعاً ستختلف البدايات عن تلك التي عشتها سابقاً.. فهي الآن بدايات لشابة أنضج من تلك التي عاشت منذ ثماني سنوات
وسأجد مع البدايات ذكريات مختلفة ومشاعر جديدة
ولعلني أحلل الحياة حولي من منظور مختلف.. منظور ثنائي الرؤية والأهداف وليس أحادياً كما كان من قبل
ولعل هذا من أجمل ما في البداية
من جديد
.
واصطنعتك لنفسي
إلهي.. ألا لمحة من هذا الاصطناع؟
-------
جذوري تمد في أرضي تدق أصول
بتلملم الحياة م الأرض لجل تطول
واوصل و اشب لفوق, و اعمل بدون ما أقول
رغم ان شطري تحت, رغم الجسد مشلول
.
أنا لامسة نجم السما, عالية لحد مهول
ويا لبيب افهم, خدها من الشجرة
يا طير أسير محبوس, نفسك تطير برة
لحد ما تفرج, اطرحلي كام بذرة
تكبر ف قلب الحر, و توصل الفكرة
البذرة تبقى اتنين
عشرين.. ميتين.. ملايين
.
متغميين يمكن, و بقلبهم شايفين
متكتفين فعلا,لكنهم قادرين
واصلين لكل مكان, و بلا جناح طايرين
يا قلب يا مكسور, متقضيهاشي حزين
منتاش زعيم جايز, لكن وراك ملايين
لو بذرتك تطرح, هيقوم صلاح الدين
صحيح مهوش انت
بس أنت كبرته
ربيته ع الفكرة
وبقيت كما الشجرة
لو حتى مش قادرة
تطرح.. بذور حرة
.
البذرة
تبقى اثنين.عشرين .. ميتين.. ملاييين

Tuesday, March 23, 2010

راقب حبلك

شايف الصورة ده ..شفت الحبل كان غليظ أزاي
تخيل أنه بقي معلق بخيط رفيع علي وشك أنه يتقطع
.
تخيل بقي أن حياتك كلها حبال وخيوط
حبل مع الله..حبل مع نفسك
حبل مع أهلك و أصحابك
حبل مع كل شيء في حياتك
.
لو في عبادة كنت قربت فيها أوي من ربنا و بدأت تفقد جمال أحاسيسها وأثرها عليك
و المعاصي بتقطع خيط ورا خيط من الحبل أفتكر الصورة ده كويس
.
لو في إنسان بيبعد عنك بالرغم من أن أمره يهمك.. و كل يوم بتقطعوا خيط من الحبل ده
أفتكر الصورة ده و أحذر أنك تشد الحبل أكثر من كده
.
لو في قران في قلبك و جيت لحظة تدور عليه لقيته مش منقوش جوا قلبك زي ما كان
أفتكر الصورة ده كويس..و ألحق أنقشه تاني
.
بأيدك أنك متوصلش أي شيء ثمين تملكه..أهلك..أصحابك..وقتك..صحتك..حياتك
لصورة الحبل ده لأنه لو خيط كمان أتقطع..
.
.
راقب دايما حبلك و خيوطك اللي بتقطعها
و أفتكر أن الحبل دايما ممكن يتربط

Friday, January 29, 2010

أدور.. أدور


أدور وأدور أدور حتى يتوه كل توازني ويتلاشي
أفرد ذراعي كأجنحة بيضاء حريرية وأدور.. تتساقط الشريطة الحريرية التي تقيد خصلات شعرى معي فتنطلق تدور معي فرحة هى الأخرى.. لعبتي المفضلة عندما كنت طفلة
أرفع رأسي فأري الحوائط حولي تتلاشى.. يصبح النور ساطع في كل الارجاء دون توقف.. وينتشر إشراقه في كل أرجاء المكان.. حتى إنه ليتسلل داخلي
وعندما تنفذ آخر قطرة في رصيد توازني ألقى بنفسي على دثاري الدافيء لاستمتع بشعور الخدر اللذيذ من فقدان التوازن يسري في جسدي وتنطلق مني ضحكة تعلو وأنا ارى كل الموجودات حولى تتمازج وتندمج.. لا فوارق بين الحائط والأرض.. الاثاث الثابت وعقارب ساعتي المتحركة
كله صار مزيجاً محبباً إلى قلبي.. يحنو على
.
ندور بين الغرف - لا يجرؤ أحدنا أن يصف هذه الغرفة بـ البيت- حجرة مظلمة تخنقها الرطوبة.. لا نافذة.. لا أية آثار حياة سوى بقايا غطاء ملقى في جانب مهدم.. تشكو لنا بأن أحدهم سرق حلتها الوحيدة وهي لا ترغب سوى في حلة ولو دون غطاء حتى تستطيع إعداد طعام.. تؤكد لنا إنها مستورة.. الحمد لله
.
ندور ندور بين الغرف -لا يجرؤ أحدنا أن يصفها بـ بيت- حفرة في الارض يغطيها قطعة قماش مهترئة.. تطير عند عبور فقط أحدهم بجوارها.. وتنخلع لتيار هواء عابر.. يخبرنا أحدهم أن هذا الحمام المشترك لجميع الساكنين.. لكنه يؤكد لنا إنها مستورة.. الحمد لله
.
ندور ندور بين الغرف - لا يجرؤ أحدنا أن يصفها بـ البيت- تخبرنا أنها تقبض شهرياً 52 جنية ونصفا كمعاش لزوجها.. فقط لديها ثلاثة ابناء ووالدتها.. تؤكد لنا أنها مستورة.. الحمد لله
.
تقابلني جارتي صدفة فتخبرني بأنها سترسل ولدها لاستكمال دراسته الثانوية في الخارج.. وتشاركني قلقها في إنها تخشى عليه بقوة.. هو لا يستطيع أن يقشر تفاحة لنفسه.. تقسم لي بقوة أنها هي من تقشر له التفاح.. ستكون مستورة.. الحمد لله
.
ادور وأدور وأدور حتى يتلاشي كل توازني
أفرد ذراعي كأجنحة رمادية وأدور.. تقبض تلك الشريطة على خصلات شعري تقيده.. كانت لعبتي المفضلة
أرفع رأسي عالياً فأرى الحوائط حولي تعلو عالياً.. والظلام ينتشر في الغرفة حولي في كل مكان.. بل يكاد ينطبع بداخلي
وعندما استنفذ آخر قطرة من توازني أرتمي على الأرض يعلوني نهيج بكائي ويصفعني قسوة الحواجز كلها حولي
نعم.. الفارق يتسع بين الحائط والأرض.. الأثاث يرتطم بجسدي
وساعتي قد توقفت عن العمل
ليتهم فقط تركوا لي لعبتي المفضلة.. يوماً آخر
قبل أن تثقلني.. فوارق الحيـاة
_______
أنك ثابت
وأنا على ذاتي أدور أدور
الارض تحتي دوماً محروقة
والارض تحتك مخمل وحرير
فرق كبيـر بيننا يا سيدي
فأنا مقيدة وأنت تطير
(سعاد الصباح)

Friday, January 8, 2010

لم يكد يراها

إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا
تترد صدى الآية داخل كل خلايا عقلي دون توقف..دون توقف
افتح نافذة السيارة رغم قسوة برودة الجو وتوسلاتهم لي أن أحكم غلقها لعلني أرى فقط أي علامات على الطريق أو حتى ألمح رصيف الطريق فيفاجئني ستار أبيض من الضباب من الكثافة بشكل يحجب الكون.. ضباب على الجانبين كأنه حائط أبيض قادر أن يقنعك باختفاء كل مظاهر الحياة بل وباختفاء الصحراء ذاتها.. أغطى وجهي بوشاحي وأحاول الهروب في دوامة نوم مرددة بداخلي قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا فلم القلق إذن.. ألوم نفسي بأن ازدياد القلق يعني نقص في يقيني بالأقدار فأزيح الوشاح عن وجهي وأبدأ في مراقبة الطريق لعلي افلح في رؤية أي معلم فأقوم بأي دعم
.
إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا
انظر لأختي وأقول لها وأنا أضحك أننا نبدو كما لو كنا في فيلم رسوم متحركة أو فيلم رعب أجنبي تظهر فيه العربات كالأشباح.. أؤكد لها إن الضباب سينتهي بالقطع عند نقطة ما وأننا لابد سنلمح أي يافطة تشير لنا كم تبقى من هذا الطريق الذي بدا لساعات طالت جداً أنه لن ينتهي أبدا.. فيجبرني الضباب الذي تزداد كثافته على الصمت والتوقف عن أي محاولات للتفاؤل وتلطيف الأجواء
.
إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا
أتذكر كلماته لي عندما تأخرت طائرته لأعطال فنية وقال لي أنه وقتها كان يتمنى فقط ألا يصيبه مكروه من أجلى لإنه لا يريد أن يسبب لي أي ضيق أو قلق.. أتذكرها بقوة عندما وجدتني أدعو بقوة أن يكون قد نام دون أن يرى رسالتي الأولى وألا يحاول الاتصال بي لإن هاتفي انتهى شحنه.. أقاوم بشدة أن أحدثه من هاتف أختي لأحكي له ما أمر به .. وأعد نفسي مراراً بأني سأريحها وأحكي له كل شيء ولكن بعد أن تمر هذه الليلة وينتهي الطريق.. فأنا بقدر ما أحتاجه معي ليطمئنني ويبدد خوفي، بقدر ما أدعو ألا يحدث لي ما قد يسبب له أي ضيق أو حزن أو حتى بعض القلق.. لو علم بما أنا فيه الآن لن يغمض له جفن الليلة ولو حاول الاتصال على هاتفي ووجده مغلقاً سيكلم والدتي وستحكي له من القلق أنا أعلم أمي لن تخفي عنه.. أدعو بقوة ان يكون "هو" بعيداً عن هذا الجو المضطرب
.
إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا
الظلام دامس جداً لا أرى شيئاً وتذكرت القبر.. وهنا خفت بحق.. قبر مظلم لا صاحب فيه ولا أنيس.. تفزعني الفكرة رغم أني لا أكف عن ذكر الموت ولا أنساه لكني لم أتفكر من قبل في ظلمة القبر بهذا القدر.. تفزعني أن تشبه فقط هذا الظلام الذي أنا فيه.. كيف سأبقى هناك حتى تقوم الساعة..تتردد بداخلي الكلمة وكأنني اسمعها لأول مرة.. ظلمة ..ظلمة القبر.. يعلو صوت بداخلي يذكرني بذنوبي وتقصير حالي مع الله وغفلاتي وعثراتي.. فأوقفه بقوة وأسكته بعنف فالظلام وحده تكفي وطأته على الآن
.
إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا
يمر بي خاطر فجأة: هل سيأتي النهار؟؟ هل سيسطع ضوء ما في لحظة حتى لو كانت بعد ساعات؟؟ تتردد صدى آية آخرى: فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين
دخان؟؟
هل هذا هو الدخان؟؟ أسيكون أشد منه؟؟.. ابحث عن الحكمة فيما يحدث فلا شيء يحدث عبثاً في هذا الكون
أنا جزء من هذه الأحداث وكان المعتاد أن أكون في بيتي الآن أو عائدة من محاضرة ولكني هنا في هذا الطريق وسط هذا الظلام
أرسالة هي؟؟.. أتذكر يوم أن فقدت طريقي ولمدة 3 ساعات كاملة أمشي في طريق السويس وسط أمطار غزيرة لا أدرى سبيل الرجوع.. تذكرت يومها هذه الرسالة.. كانت وطأتها شديدة جداً على نفسي حتى لا أنساها ماحييت.. وأفهمنيها الله من رحمته بي.. الأحداث تكاد تشبها إلى حد ما؛ نفس إحساس عدم القدرة على أي شيء.. وأن الملجأ والنجاة هي فقط من عنده.. أتراها نفس الرسالة؟؟..ولكن لماذا؟ هل ضَعُف يقيني لهذا الحد؟؟ هل ضعفت ثقتي بالله للحد الذي تأتيني رسالة مرة أخرى أقوى وأشد؟؟
أم لعله تنبيه إفاقة؟؟ ألا اغوص في إعداد بيت للدنيا سأفارقه بعد سنوات مهما طالت فهي معدودة حتى ينسيني بيت لن أفارقه.. نعم فأنا صار أغلب ما يشغل عقلي أينما ذهبت ألا أنسى أن أشترى هذه لبيتنا وهذه وهذه.. وكيف ستكون الحوائط وأين سيكون كذا وكذا وكذا
هل هي الحكمة؟؟ ان احذري من استحكام القلب علي الدنيا الجديدة التي أخوضها.. أن امتلك الدنيا في يدي لا في قلبي
.
إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا
غفوت للحظات دون قصد واستيقظت على صوت حوار يدور في السيارة وتقول إختى إنها سمعتهم ينادوا أن هناك حادثة ما فنتوقف.. انتبه أنا فأسمع أصوات رجال تصيح بقوة في كل العربات القادمة بالتوقف لإن عديد من السيارات اصطدمت بعضها ببعض أمامنا.. افتح النافذة فألمح عربة مقلوبة وزجاج واجزاء من سيارات تملأ الأرض ولا يظهر سوى أضواء إشارات الانتظار وصوت يصرخ يبحث عمن يقلهم لأقرب إسعاف وصوت آخر يطالب العربات القادمة بالتوقف حتى يستطيع من بالعربات المتصادمة عبور الطريق فالضباب يحجب المارين تماماً.. نقف لبضع دقائق لا ندري في أي حارة نحن في الطريق حتى.. عربات كثيرة تقف مثلنا ورجال تطوعوا بالخروج من عرباتهم للمساعدة ويتطوع سائق شاحنة كبيرة في نقل المصابين للإسعاف.. ونبدأ في التحرك بعدما استقر الوضع قليلاً لإن الوقوف غير آمن في نصف الطريق هكذا.. ونلمح على الجانب الآخر أنوار عربات إسعاف عديدة تتوالي تبدو كأشباح تسير لا نسمع إلا صوتها المقبض
.
إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا
بعد مرور نحو خمس ساعات بقايا الطفلة بداخلي أحست بالحاجة إلى الإرتماء على كتف حنون وأطلاق سراح بعض الدمعات الحبيسة.. أنا بخير حال لكني فقط أحتاج لتفريغ شحنة القلق المكبوتة لثوان وبعدها أهدأ.. انظر لأختى بجواري وأهم بأن افعلها.. فيقمعني صوت عاقل بأني لم أعد طفلة وأنني لطالما شكلت نفسي أن أكون إمرأة قوية عند الأزمات والشدائد.. لابد من التماسك حتى نهاية الأمر تكن ما تكون نهايته.. لابد من الصلابة والقوة المطلقة فأنا سأكون مسئولة عن بيت كامل وأسرة فكيف لي بعدم الثبات في مثل تلك اللحظات! كيف أنفس عن قلقي وأزيد من توترهم هم بدمعاتي الطفولية هذه! أحبس تلك الطفلة بداخلي وأحكم عليها الغلق وأعدها بأن اطلق سراحها عندما أعود إلى بيتي وأندس في فراشي
.
إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا
افكر في أن اقترح عليهم أن نستغفر جميعاً وقول لا حول ولا قوة إلا بالله بدلاً من الاستغفار وحدي.. الاستغفار مفعوله مؤكد وقد جربته مراراً.. أتردد.. اصمت وافعله دون أن يدركه أحد .. يؤكد لي صمتي في هذه اللحظة أني تغيرت.. وصوت بداخلي ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.. يطول صمتي وأزيد أستغفاري وحدي.. نعم أنا تغيرت وبداخلي مفاهيم بات واضحاً أنها ينبغي أن تصحح مرة أخرى
أقاوم صمتي بعد فترة طالت من الزمن وأشير على استحياء لهم بأن الوقت رائع للقيام الذي قلما نؤديه وأنه من كان متوضئاً يجوز له أن يصلي صلاة النافلة في السيارة وقبلته حيثما اتجهت راحلته.. فتستجيب إختي وتأخذ مصحفاً.. فأندم بشدة لطول صمتي كل هذه المدة
.
إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا
وصلنا الساعة الثالثة بعد منتصف الليل إلى بوابات القاهرة واختفت كل معالم الطريق المؤدي للمحور.. فقررنا كأغلب العربات الانتظار عند بوابات القاهرة في السيارات نحو أربع ساعات حتى الشروق لعله حينئذ نرى بصيصاُ من نور.. وخطوت لبيتي في نحو الثامنة صباحاً بعد نحو اثنتى عشرة ساعة عشتها في ضباب دامس
اثنتى عشرة ساعة كاملة قضيتها في طريق الإسكندرية الصحراوي والعالمين عائدين من بضع ساعات في الساحل
اثنتى عشرة ساعة لن تنمحي أثرها من على جدار روحي بسهولة
انهالت علي فيها مزيج من ذكريات الطفولة
التفكير في المستقبل والحياة
علاقاتي كلها وكل من حولي
كم تغيرت وأين أسير؟
كيف هذا الكون بتدبير أقداره؟؟
وأين يمضي بي عقلي وإرادتي؟؟
.
أدخل من باب المنزل ألقي السلام على أمي التي لم يغمض لها جفن.. أقبلها كثيراً وأرتمي في أحضانها في هدوء غريب وأعدها أن أحكي لها كل التفاصيل بعد ان أنام قليلاً.. أرسل له برسالة أنني وصلت بخير الحمد لله وأنني سأنام فقط لإني مرهقة بعض الشيء.. اغلق صوت رنين هاتفي واندس تحت الأغطية جيداً ولكن يفاجئني برد غريب يسري في كل خلاياي لم أشعر بعده بأي شيء.. ولم يوقظني منه إلا صوت اهتزاز هاتفي وهو يتصل بي مرة تلو اخرى قلقاً بشدة من رسائلي تلك فأجيبك: مش هتتخيل ابدً.. فعلاً إذا أخرج يده لم يكد يراها
.
.
أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ
ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ
إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا
وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ
(سورة النور- الآية 40)

Thursday, December 10, 2009

اجترار اللحظات


نعم يثيرني! بل لطالما أذهلني تلك الموهبة الخارقة التي هي آية للخالق في كونه.. هو يستمتع بطعامه تماماً ويخزنه ليستعيده وقت الحاجة إليه حيث بيئته من القسوة بمكان أنه يحتاج أن يتحمل تقلبات بيئته وظروف معيشته
.
هكذا شرحت لي أمي يوماً أنه
"يجتر"
كم أدهشني وقع تلك الكمة على مسامعي
بل وهي منذ ذاك الوقت تخصه وحده
لا نطلقها على أحد سواه
كما لو أنها خصصت له وحسب
ذاك الجمل
.
وتمري أيامي وهو وحده يجتر
حتى اكتشفت أن الإنسان ايضاً عليه أن يجتر
لكنه
.
اجترار اللحظات
أن يستمتع بكل لحظة جميلة تمر به بكل خلية من خلاياه
بكل جارحة له
يتشربها جيداً ويٌخضغ كل حواسه لها
يمتصها بمسام عقله وقلبه ووجدانه ويعمق وجودها بداخله
يصيح ويضحك ويشرق وجهه بها
لا يتركها تتسلل من بين يديه بسهولة
وتمر في غفلة من الزمن
لا يجعل لها حظاً ضيقا من ذاكرته
حتى لا تنطوي سريعا في بئر الذكريات
.
اجترار اللحظات
أن تجتر لحظات السعادة لتعيننا على لحظات الضيق وغربة النفس
عندما تجثم الأحمال على الروح والفكر ولا تجد لها متنفسا
عندما يصيبنا سهم أحزان وفقد
فنتذكر لحظة من سعادة ونشوة سرت في الأوصال
لحظة فرح تشرق في الذاكرة كالضحى
.
اجترار اللحظات
أن تجتر لحظات الإيمان لتخرجنا من الخواء والبعد
عندما يشدنا الطين إلى الأرض
تكبلنا الأهواء والشهوات والإدبار
فنتذكر لحظة تحررت فيها النفس وارتقت حتى بلغت السموات
لحظة ملأت القلب بنور الإله
قبسات رحمة ولمحات إيمان
عندها تلاشت الحياة وانطلقت الروح تلامس أبواب الجنان
.

اجترار اللحظات
أن نجتر لحظات الانتصار
لحظات النجاح والبريق
عندما يواجهنا على الدرب اخفاقات
وتبدو الآمال هزيلة عجاف
والأحلام تخبو امام الصعاب
فتنتذكر كيف كان يوماً طعم الأمنيات
كيف ارتشفنا لذة الانتصار
كيف كانت النفس تبرق من عذوبة النجاح
.
اجترار اللحظات
أن نجتر لحظات الأمان عندنا تعصف بنا الظنون والشاردات
عندما تصيب العقل حالة من الشلل المؤقت
ويصيب جدار الروح تصدعات
فنتذكر ضمة صدر حنون تزيل عنا كل عبء الأيام
نظرة حانية وكتف أرحنا عليه كل ما علق بنا
وعندئذ يغلفنا شعاع من أمان
.
اجترار اللحظات
أن نجتر لحظات الرضا واليقين
حتى إذا ما أصاب النفس شائبة سخط
وكادت أن تسقط في بئر الأوهام والظنون
وعلا صوت العقل على مجريات القدر
تذكرنا كيف تمضي تقديرات الاحوال
كيف تقضي يد الإله بين مقادير البشر
كيف يجهل العقل مسببات الخير
ومكنونات الخطر
.
هي كذلك وستظل
حياتنا مفعمة بكل أنواع اللحظات
تنتظرنا لنحياها
أن نعيشها بكل خلية فينا
نشبعها كل قطرة دم تجري في العروق
نجعلها تغزو دهاليز العقل
وتلمس شغاف هذا القلب
حتى إذا ما خبى شعاع نور بداخل الروح
تذكرنا هذه اللحظات
واقتبسنا منها ما يعيننا على تحمل
صحراء أيامنا

***
life is not measured by the breaths we take, but the moments that take our breath away

Friday, November 13, 2009

عنه وعنها أتحدث.. أرجوك لا


عندما يتعلق رجل بإمرأة..ينصب همه الأكبر على فهمها وفك غموضها وشفرات أحوالها.. وربما في كثير من الأحيان وضع حدود وإطر لشخصيتها.. لكنه يفاجأ بأنه كلما امسك بتلابيب إحدى حالتها تغيرت وتقلبت فيمل ويقف في منتصف الطريق لاهثاً..معلقاً قلبه بتلك الأنثى الرقيقة..مجهداً عقله ومتخوف من تقلباتها العجيبة.. ويتردد صوت بداخله..أنا تعبت
.
وعندما تنجذب أنظار المرأة لأحد الرجال..ينصب اهتمامها الأكبر على أن تتحول لتصبح أنثى لطيفة ناعمة وديعة حتى تستطيع أسر ذلك القلب وامتلاكه "للأبد" فلا يتجول بعيداً عنها ولا يلتفت عن حسنها وفتنتها.. لكنها تفاجأ به يزداد مللأ كلما ازدادت هي اقتراباً من تلك الصورة الملائكية..فتقف في منتصف الطريق ساهمة..يذوب قلبها في ذلك الفارس الساحر متشكك قلبها في حبه وإخلاصه لها..ويتردد صدي بداخلها..أنا تعبت
.
أرجوك لا تفهمني
يا رجلها الحنون! أقولها لك بكل ثقة:الأنثى تحتاجك أن تشعر بها لا أن تفهمها..فقط شاركها مشاعرها كيفما كانت..لا تضع لها أسوار وحدود فتحتار حينما تخترقها..هي لم تخلق ليكون لها أطر وتوضع تحت توصيفات محددة..بل خلقها الله لتصبح الساكنة المتحركة..العاقلة المتقلبة.. الحنون الحازمة..المنطقية الامنطقية..الباردة الحارة..خلقت هكذا لإنها يجب أن تصبح قادرة على تحمل كل الأدوار..وهو فرق جوهري بين الرجل والمرأة..المرأة قد تقوم بدور الرجل المعنوي في غيابه ولكن الرجل يصعب عليه القيام ببعض أدوار المرأة في غيابها..خلقها الله بالشكل الذي يضمن استقرار الأسرة ولتلين بسكونها حركتك.. ولتضخ بالدماء في تلك العلاقة وتكون قادرة على التأقلم مع كل الأوضاع التي قد تمر بها في الحياة..ه
.
المرأة لا تحتاج منك أيها المريخي فهم..لأن الفهم يتطلب منك توصيفات ثابتة وهي بفطرتها متقلبة خلقت من ضلع أعوج وكمال القوس اعوجاجه..بل تحتاج منك احساس بها، مشاطرتها تلك التقلبات والصبر عليها..وبالتالي كلما تزداد إمرأتك غموضاً وتقلباً..إزدد منها قربا واغداقاً عليها بالمشاعر..تجنب كل تلك المحاولات والنداءات الداخلية في عقلك المريخي لمنطقة أفعالها وقولبة شخصيتها..وأرفع شعاراً لك في الحياة "أحبك مثلماأنت..أحبك كيفما كنت" واستمتع بعودتها مرة أخرى لنقطة الاتزان سريعاً مملوء قلبها بالامتنان لوجودك معها..في الحياة كيفما هي
.
أرجوكي لا تتحولي
يا إمرأتي الفاتنة! قد اختارك رجلك كما أنت..فلم التحول الكبير؟؟ قد أعجب بك كما أنت..من قال إنه يهوى الحياة مع قطة لطيفة وديعة!! لو أرادك بهذا التحول لبحث عن غيرك..هو يريد أن يحيا الحياة مع إنسان مثله له صفات بعضها حلو وقليل من لمحاتها مر..إنك عندما تنزعين عنك صفات الإنسانية وسماتك التي اختارك في المقام الأول بها..فإنك تنزعين عنك أجزاءك واحدة تلو الأخرى..وعندئذ تتعجبين أن رجلك الحنون قد ابتعد عنك مللأ أو تعجباً
.
وإني لأجرؤ أن اقول ان تحولك لتلك القطة الوديعة يقلل اهتمام الرجل بك.. فقليل من المشاكسه يثير الرجل لأن يحاول فهمهك فيفشل كعادته..بعض الاستقلالية في أفكارك تثير داخله رغبات في التفوق وإظهار القوامة..بعض سماتك التي تختلف عنه تقوده إلى التركيز في كينونتك.. شخصيتك التي تحمل داخلها جوهر ثابت متزن قطعاً تثير أهتمامه أكثر من قطة وديعة تبدو ككائن هلامي قد يبدو مبهراً في البداية ولكنه سرعان ما يبعث على الملل لفراغه الداخلي
.
قطعاً لا أقصد ألا تحاولى إرضائه أو التشكل لرجلك على النحو الذي يحبه..ولا أعني التثبت بلمحات في الشخصية قد تتصادم في بعض لمحاتها مع رفيق العمر..فقد جعلك الله له سكنا وأنت له خير متاع الدنيا بصلاحك وإرضائه جزء من إرضاء الخالق..لكني قصدت الحفاظ على جوهرك الجميل الذي أحبك بسببه من التحول..كفي عن نزع شخصيتك عنك وخلع آرائك وافكارك أمام عتبة قلبه الواحدة تلو الآخرى حتى تصيرين بلا هوية..هو يحتاج إليك رفيقة فلتكوني أنت ذاتك..تتبدلين وتتشكلين على النحو الذي يدور في فلك شخصيتك وكينونتك..ه
.
لعل كلماتي هذه المرة لا تخاطب فئة عريضة..فلا تخاطب الرجل الذي يتزوج ليمحو حياة زوجته تماماً ويشكلها كما يرى هو وتلك الزوجة التي تستجيب لتلك التحول لتصبح قطة وديعة حسناء ذات ملامح هلامية..ولا تخاطب الذين ينظرون للزواج أنه علاقة روتينة وهي التطور الطبيعي للحياة دون التدبر عن معاني السكن والمودة ومشاركة الحياة..فهؤلاء لهم شأن آخر.. خارج حدود هذه التدوينة
.
The virtue of true love is not finding the perfect person, but loving the imperfect person perfectly.
.
.
لمتابعة بقية التدوينات ذات الصلة